والمؤلف يخلط في كتابه خلطًا، فيضع في تفسيره صور النبات والحيوانات ومناظر الطبيعة، وتجارب العلوم كتاب مدرسي في العلوم، ويشرح بعض الحقائق الدينية بما جاء عن أفلاطون في جمهوريته، وعن إخوان الصفا في رسائلهم، ويستخدم الرياضيات، ويفسر الآيات تفسيرًا يقوم على نظريات علمية حديثة.
وقد أساء الشيخ طنطاوي جوهري في نظرنا بهذا إلى التفسير إساءة بالغة من حيث يظن أنه يُحسن صنعًا ولم يجد تفسيره قبولًا لدى كثير من المثقفين. لما فيه من تعسف في حمل الآيات على غير معناها، ولذا وُصِف هذا التفسير بما وُصِفَ به تفسير الفخر الرازي، فقيل عنه:"فيه كل شيء إلا التفسير".
٢- تفسير المنار - للسيد محمد رشيد رضا:
لقد قام الشيخ محمد عبده بنهضة علمية مباركة، آتت ثمارها في تلاميذه، وترتكز هذه النهضة على الوعي الإسلامي، وإدراك مفاهيم الإسلام الاجتماعية، وعلاج هذا الدين لمشاكل الحياة المعاصرة، وبدأت نواة ذلك في حركة جمال الدين الأفغاني، الذي تتلمذ عليه الشيخ محمد عبده، وكان الشيخ محمد عبده يلقي دروسًا في التفسير بالجامع الأزهر، ولازمه كثير من طلابه ومريديه، وكان الشيخ رشيد ألزم الناس لهذه الدروس، وأحرصهم على تلقيها وضبطها، فكان بحقٍّ الوارث الأول لعلم الشيخ محمد عبده. فظهرت ثمرة ذلك في تفسيره المسمى بـ "تفسير القرآن الحكيم"، والمشهور بـ "تفسير المنار". نسبة إلى مجلة "المنار" التي كان يصدرها.
وقد بدأ تفسيره من أول القرآن، وانتهى عند قوله تعالى:{رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} ١, ثم عاجلته المنية قبل أن يتم تفسير القرآن، وهذا القدر من التفسير مطبوع في اثني عشر مجلدًا كبارًا.