للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في التأويل بصورة تنفر القارئ أحيانًا من متابعة القراءة، لعباراته اللاذعة في مناقشة المذاهب الأخرى.

ويبدو من تفسير الجصاص كذلك أنه ينحو منحى المعتزلة في العقائد. فيقول مثلًا في قوله تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} ١: معناه لا تراه الأبصار، وهذا تمدح بنفي رؤية الأبصار، كقوله تعالى: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} ٢، وما تمدح الله بنفيه عن نفسه فإن إثبات ضده ذم ونقص، فغير جائز إثبات نقيضه بحال.. فلما تمدح بنفي رؤية البصر عنه لم يجز إثبات ضده ونقيضه بحال. إذ كان فيه إثبات صفة نقص، ولا يجوز أن يكون مخصوصًا بقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ٣؛ لأن النظر محتمل لمعان: منها انتظار الثواب، كما رُوِي عن جماعة من السلف، فلما كان ذلك محتملًا للتأويل لم يجز الاعتراض به على ما لا مساغ للتأويل فيه، والأخبار المروية في الرؤية إنما المراد بها العلم لو صحت، وهو علم الضرورة الذي لا تشوبه شبهة، ولا تعرض فيه الشكوك؛ لأن الرؤية بمعنى العلم مشهورة في اللغة"٤.

والكتاب مطبوع في ثلاث مجلدات، وهو متداول بين أهل العلم، ومن مراجع الفقه الحنفي.


١ الأنعام: ١٠٣.
٢ البقرة: ٢٥٥.
٣ القيامة: ٢٢، ٢٣.
٤ انظر جـ٣ ص٥.

<<  <   >  >>