للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم وَجَدَ في نفسه، فقال: لِمَ يدخل هذا معنا وإن لنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه مَن علمتم. فدعاهم ذات يوم فأدخلني معهم، فما رأيت أنه دعاني فيهم يومئذ إلا ليريهم، فقال: ما تقولون في قول الله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} ١؟ فقال بعضهم: أُمْرِنا أن نحمد الله ونستغفره إذ نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئًا، فقال لي: أكذلك تقول يابن عباس؟ فقلت: لا، فقال: ما تقول؟ فقلت: هو أجَلُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعلمه له، قال: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} فذلك علامة أجلك، {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً} ٢, فقال عمر: لا أعلم منها إلا ما تقول".

تفسيره: وقد ورد عن ابن عباس في التفسير ما لا يُحصى كثرةً، وجُمِع ما نُقِل عنه في تفسير مختصر ممزوج يسمى "تفسير ابن عباس" وفيه روايات وطرق مختلفة، ولكن أحسن الطرق عنه طريق علي بن أبي طلحة الهاشمي عنه، واعتمد على هذه البخاري في صحيحه، ومن جيد الطرق طريق قيس بن مسلم الكوفي عن عطاء بن السائب.

وفي التفاسير الطوال التي أسندوها إلى ابن عباس مجاهيل، وأوهى طرقه طريق الكلبي عن أبي صالح، والكلبي هو أبو النصر محمد بن السائب المتوفى سنة ١٤٦هـ، فإن انضم إليه رواية محمد بن مروان السدي الصغير المتوفى سنة ١٨٦هـ فهي سلسلة الكذب، وكذلك طريق مقاتل بن سليمان بن بشر الأزدي، إلا أن الكلبي يفضل عليه لما في مقاتل من المذاهب الرديئة..

وطريق الضحاك بن مزاحم الكوفي عن ابن عباس منقطعة، فإنه لم يلق ابن عباس، وإن انضم إلى ذلك رواية بشر بن عمارة فضعيفة لضعف بشر، وإن كان من رواية جويبر عن الضحاك فأشد ضعفًا؛ لأن جويبرًا شديد الضعف متروك.


١ النصر: ١.
٢ النصر: ٣.

<<  <   >  >>