للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى إذا كبر سني وانقطع ولدي ظاهر مني! اللهم إني أشكو إليك، قالت: فما بَرِحَتْ حتى نزل جبريل بهؤلاء الآيات: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} وهو أوس بن الصامت"١.

ولا يعني هذا أن يلتمس الإنسان لكل آية سببًا، فإن القرآن لم يكن نزوله وقفًا على الحوادث والوقائع، أو على السؤال والاستفسار، بل كان القرآن يتنزل ابتداء، بعقائد الإيمان، وواجبات الإسلام، وشرائع الله تعالى في حياة الفرد وحياة الجماعة، قال "الجعبري": "نزل القرآن على قسمين: قسم نزل ابتداء، وقسم نزل عقب واقعة أو سؤال"٢.

ولذا يُعرَّف سبب النزول بما يأتي: "هو ما نزل قرآن بشأنه وقت وقوعه كحادثة أو سؤال".

ومن الإفراط في علم سبب النزول أن نتوسع فيه، ونجعل منه ما هو من قبيل الإخبار عن الأحوال الماضية، والوقائع الغابرة، قال السيوطي: "والذي يتحرر في سبب النزول أنه ما نزلت الآية أيام وقوعه، ليخرج ما ذكره الواحدي في تفسيره في سورة الفيل من أن سببها قصة قدوم الحبشة، فإن ذلك ليس من أسباب النزول في شيء، بل هو من باب الإخبار عن الوقائع الماضية، كذكر قصة قوم نوح وعاد وثمود وبناء البيت ونحو ذلك، وكذلك ذكره في قوله: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} ٣ سبب اتخاذه خليلًا، فليس ذلك من أسباب نزول القرآن كما لا يخفى"٤.


١ أخرجه ابن ماجه وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي [والآية من سورة المجادلة: ١] .
٢ انظر الإتقان جـ١ ص٢٨.
٣ النساء: ١٢٥.
٤ انظر الإتقان جـ١ ص٣١.

<<  <   >  >>