فكانت تطلقها على السرير، وعلى الاختفاء فتقول "الكاكاننا" قاصدة التعبير عن اختفاء الدجاجة عن الأنظار، وعلى البعد والإبعاد فتقول "ماماننا" معبرة عن رغبتها في أن تبعد أمها عن مجلسنا، وعلى حفظ الشيء بعد الفراغ من استخدامه فتقول:"فوطة ننا" أي: أن المشوش "الفوطة" قد انتهت الحاجة إليه وحفظ في المكان المعتاد حفظه فيه, وكانت تطلق لفظ أمة =عمة "أي: عمامة" على الشخص الذي يلبسها.
وهذا التوسع في الاستعمال لا ترجع أسبابه دائمًا إلى ضعف الفهم وعدم الدقة في إدراك المدلولات، بل ترجع أحيانًا إلى ضآلة محصول الطفل في الكلمات في ذلك العهد وحاجته إلى التعبير على أيِّ وجه، وترجع أحيانًا إلى الأمرين مجتمعين.
ب- أنه في أوائل هذه المرحلة يطلق اسم الجنس على غير أفراده لأدنى مشابهة؛ فقد لاحظت أن ابنتي عفاف كانت إلى أواخر السنة الثانية تطلق "كاكا""ومعناها الأصلي في لغتها الدجاجة" على الدجاج والحمام والأوز والبط ... وما إليها، وكلمة "ماء""ومعناها الأصلي في لغتها الخروف" على الخروف والحمار.. وما إليها، و"ماما" على جميع السيدات، و"بابا" على جميع الرجال ... وهلم جرا.
وكلما تقدمت سن الطفل وكثر محصوله اللغوي، يدق فهمه وتتحدد معاني الكلمات في ذهنه، فتتخلص من المدلولات الأجنبية التي كانت عالقة بها، وتتميز لديه الأجناس بعضها عن بعض، فيطلق على أفراد كل منها اسمها الخاص بها.
٢- وفي أوائل هذه المرحلة تبدو لغة الطفل عارية عن الصرف والاشتقاق، فكل كلمة من كلماته تلازم شكلًا واحدًا، وتدل في شكلها هذا على جميع ما يشتق منها ويتصل بها, ومع تقدم الطفل في هذه المرحلة يدرك العلاقة بين تغير بنية الكلمة وتغير معناها أو زمنها، فتظهر حينئذ عناصر الصرف والاشتقاق في لغته.