للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصوات الأناسي والحيوانات والأشياء، وتظهر أماراتها لديه من الشهر الرابع, أي: في المرحلة نفسها التي تبدأ فيها "التمرينات النطقية".

هذا إلى أن الطفل في هذه المرحلة يميل إلى التحديق في كل ما يتحرك أمامه، ويتبعه بنظره ما دام متحركًا، لرغبته في تقليد حركته, بل لمجرد رغبته في رؤية الحركة وتتبعها, وهذا ضرب مما يسميه علماء النفس "ألعاب الحواس" عند الطفل١, وهو قائم كذلك على غريزة حب الاستطلاع؛ فملاحظة الطفل لشفتي المتكلم في أثناء تحريكهما لا تختلف في الباعث عليها عن ملاحظته لأية هنة تتحرك أمامه.

٣- وأما ما يعمله الأطفال أحيانًا، عقب ملاحظتهم لشتفي المتكلم، من تحريك لشفاهم في صورة يحاولون بها تقليد ما رأوه بدون أن يلفظوا صوتًا ما، فقد دلَّت الملاحظات على أن هذه الظاهرة لا تبدو لديهم إلّا حوالي الشهر السابع، أي: في مرحلة "التقليد اللغوي" نفسها, أو قبلها بأمد يسير؛ فالتفسير المعقول إذن لهذه الظاهرة: هو أن الطفل في هذه المرحلة المبكرة نوعًا ما يحاول محاكاة الأصوات الجهرية التي يسمعها بأن يلفظها في أصوات خفية غير مسموعة، ومحاولته هذه هي التي تجعل شفتيه تتحركان حركات مطابقة لحركات شفتي المتكلم أو مشبهة لها, فلسنا إذن بصدد محاكاة مقصودة لحركات الشفتين، بل بصدد محاولة لمحاكاة الصوت المسموع محاكاة خفية تصحبها حتمًا حركات الشفتين في صورة غير مقصودة بالذات.

٤- وأما زعمهم أن أول كلمات يقلدها الطفل هي الكلمات التي تكثر فيها الحروف الشفوية "وهي الحروف التي تخرج من الشفتين, ويقتضي نطقها تحركهما حركات ظاهرة مرئية تصل عن طريق حاسة النظر" فزعم غير صحيح؛ فقد دلت المشاهدات على أن الفوج الأول من كلمات الطفل يتألف من أصوات متنوعة المخارج والصفات٢.

٥- وأما ما يظهر لدى الطفل الأكمه من ضعف في التقليد اللغوي


١ انظر كتابنا "اللعب والعمل" ص٣٧.
٢ انظر صفحتي ١٣٧، ١٣٨.

<<  <   >  >>