طول أمده، لم يكن عنيفًا, ولم تلق في أثنائه اللغتان الغالبتان "اللاتينية في المثال الأول, والعربية في المثال الثاني" مقاومة شديدة من جانب اللغات المقهورة "لغة الجول السلتية في المثال الأول, والقبطية والبربرية في المثال الثاني".
وتختلف كذلك النواحي التي يبدو فيها تأثر اللغة الغالبة باللغة المغلوبة تبعًا لاختلاف الأحوال التي تكون عليها كلتا اللغتين في أثناء اشتباكهما, ويبدو هذا التأثر بأوضح صورة في النواحي التي تكون فيها اللغة المغلوبة متفوقة على اللغة الغالبة, ولذلك تألف معظم المفردات التي أخذتها الإنجليزية "الغالبة" عن الفرنسية النورماندية "المغلوبة" من كلمات دالة على معانٍ كليةٍ, وألفاظ تتصل بشئون المائدة والطهي والطعام, وذلك لأن النورماندية كانت غنية في هاتين الطائفتين من المفردات، على حين أن الإنجليزية كانت فقيرة فيهما كل الفقر؛ فعمدت إلى خصيهما المقهور واستلبته ما كان يعوزها قبل أن تجهز عليه, وإلى اقتباسها منه الألفاظ المتصلة بشئون المائدة والطهي وألوان الطعام يرجع السبب في أسلوبها الغريب في تسمية الحيوانات المأكولة اللحم؛ فكثير من هذه الحيوانات يطلق على كل منها في الإنجليزية اسمان: اسم جرماني الأصل يطلق على الحيوان مادام حيًّا "sheep calf ox pig, واسم آخر فرنسي الأصل يطلق عليه بعد ذبحه وإعداده للغذاء "mutton veal beef pork".
والألفاظ الأصيلة للغة الغالبة ينالها كثير من التحريف في ألسنة المحدثين من الناطقين بها "المغلوبين لغويًّا"، فتبعد بذلك في أصواتها ودلالاتها وأساليب نطقها عن صورتها الأولى, ويبلغ بعدها هذا أقصى درجاته إذا كانت اللغة المقهورة من فصيلة أخرى غير فصيلة اللغة