للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإنسان رجلًا كان أم امرأة، ولكن تذكيرها ربط مدلولها في الذهن بنوع الذكور، فأخذ يدنو شيئًا فشيئًا من هذا النوع حتى أصبحت في كثير من اللغات المنشعبة عن اللاتينية لا تطلق إلّا على الرجال.

٥- عوامل تتعلق بانتقال اللغة من السلف إلى الخلف, فكثيرًا ما ينجم عن هذا الانتقال تغير في معاني المفردات, وذلك أن الجيل اللاحق لا يفهم جميع الكلمات على الوجه الذي يفهمها عليه الجيل السابق. ويساعد على هذا الاختلاف كثرة استخدام المفردات في غير ما وضعت له على طريق التوسع أو المجاز, فقد يكثر استخدام الكلمة مثلًا في جيلٍ ما في بعض ما تدل عليه، أو في معنًى مجازيٍّ تربطه بمعناها الأصلي بعض العلاقات، فيعلق المعنى الخاص أو المجازي وحده بأذهان الصغار، ويتحول بذلك مدلولها إلى هذا المعنى الجديد. وإليك مثلًا كلمة saoul الفرنسية، فقد كان معناها في الأصل "الشبعان" من الطعام، ثم كثر استخدامها في عصر ما في النشوان من الخمر عن طريق المجاز والتهكم, وللتحرج من استخدام الكلمة الصريحة في هذا الجيل، وتحول إليه مدلول هذه الكلمة, فأصبحت صريحة فيه١، وانقرض معناها القديم.

وإلى هذا العامل يرجع أهم الأسباب في تحول الكلمات إلى معانٍ كانت مجازية في الأصل، وفيما يعتري المدلولات في نطاقها من سعة أو ضيق, بل إن طائفة من العلماء على رأسها العلامة هرزوج Herzog قد رجعت إلى هذا العامل وحده كل ما يحدث من تطور في الدلالة٢.

٦- وكثيرًا ما يتغير مدلول الكلمة على أثر انتقالها من لغة إلى


١ لا تقل الآن كلمة Saoul عن كلمة lvre في صراحتها في التعبير عن النشوان، إن لم تزد عنها في ذلك.
٢ V. Meillet, dans "L ُ Annee Sociologique" T. ٩, pp. ٦ ٧ et
Herzog: der Roman schen phlologei

<<  <   >  >>