عليه الملاحظة أن يعبِّرَ عن معنًى, أو يصف مظهرًا, أو يذكر له كلمة, ويطلب إليه ذكر مترادفاتها, أو يريه شيئًا ويطلب إليه بيان اسمه, أو أسمائه في لغته، أو يعمل عملًا ويطلب إليه التعبير عما يدل عليه, أو ينطق أمامه بجملة صحيحة, ويطلب إليه تفسيرها بلغته العامية، أو بجملة خاطئة, ويطلب إليه أن يرشده إلى ما فيها من نقص بصدد الدلالة ... وهلمَّ جرَّا.
هذا، ولم يتح للطريقة التجريبية من ظروف النجاح والانتشار في علم اللغة ما أتيح لغيرها, فهي لا تزال تسير فيه بخطًى بطيئة، بل لا يزال بعض علمائه ينظرون إليها بعين الريبة, ولا يثقون كل الثقة بما تصل إليه من نتائج, وذلك أنهم يرون أن تغيير الظروف العادية المحيطة بظاهرة لغوية قد يخرج بها عن طبيعتها, ويصورها في غير صورتها الحقيقية، فيتعرض الباحث للخطأ في الحكم؛ إذ يلتبس عليه الطبيعي بالمتصنع.
ورأيهم هذا على ما فيه من مبالة في الشك، يرشدنا إلى ما يحف بهذ الطريقة من أخطار, والي وجوب استخدامها بقصد وحرص واتخاذ أقصى مايمكن اتخاذه من وسائل الحيطة لاتقاء الزلل واللبس؛ وللتمييز بين الطبيعي والمتصنع من أعمال الأفراد الذين تُجْرَى عليهم التجارب.
الطريقة الرابعة: طريقة قياس الغابر على الحاضر
ترشدنا الملاحظة إلى كثير من التطورات التي اعترت اللغات القديمة في مختلف مظاهرها؛ فقد اختلفت كل واحدة منها في أصواتها ودلالتها وقواعدها وأساليبها باختلاف عصورها, وباختلاف الأمم الناطقة بها, ومن الواضح أن عالم اللغة لا يقنع بتسجيل هذه التطورات ووصفها وصف المؤرخ الأمين، بل يبحث كذلك عن أسبابها, ويعمل على كشف العوامل التي أدت إليها.
ولما كان من الصعب الاهتداء بشكل مباشر إلى هذه الأسباب