للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليعبر عن المراد أبلغ، والبيان, وموضوعه: شرح المناهج التي يسلكها الأسلوب العربي في استخدام التشبيه والمجاز والكناية، والبديع, وموضوعه: دراسة المحسنات المعنوية واللفظية التي يحتملها الأسلوب العربي؛ فموضوعات البحوث الثلاثة ترجع إلى ما يسميه المحدثون من علماء الفرنجة "الستيليستيك التعليمي"١ أي "علم الأسلوب التعليمي".

وقد كتب المتقدمون بعض بحوث في هذه العلوم؛ فمن ذلك "مجاز القرآن" لأبي عبيدة، و"إعجاز القرآن" للجاحظ، و"البديع" لابن المعتز٢, وبعض آراء للمبرد في الأغراض البلاغية لتوكيد الكلام، وبعض بحوث لقدامة بن جعفر, عَقَّبَ بها على بديع ابن المعتز, وحاول فيها تكملته, ولكن أول من تصدى لاستيعاب هذه البحوث الثلاثة في مؤلف مستقل, هو أبو هلال العسكري في كتابه "الصناعتين", ثم جاء من بعده عبد القاهر الجرجاني فميز بحوث المعاني من بحوث البيان، وردَّ مسائل كل منهما إلى قواعد مضبوطة سهلة المأخذ، فكان بذلك المنشئ الحقيقي لهذين العلمين٣, ثم خلف من بعده خلف من الأعاجم كتبوا في هذه العلوم بأساليب ركيكة أساءت إلى البلاغة أكثر مما أحسنت إليها, ومن هؤلاء السكاكي الذي وقف قسمًا كبيرًا من كتابه "مفتاح العلوم" على المعاني والبيان البديع، والخطيب القزويني الذي لخص هذا القسم في كتابه "تلخيص المفتاح".

٣- علوم القراءات، وموضوعها: بيان الوجوه التي قرئت بها آي الذكر الحكيم, وقد ظلت موضوعات هذه البحوث يأخذها الناس عن القراء عن طريق التلقين، حتى جاء العصر العباسي، فعكف العلماء


١ انظر صفحتي ١٠ رقم د, و١١.
٢ جمع ابن المعتز نحو سبعة عشر نوعًا من المحسنات سماها: البديع, ولم تكن جميعها في الواقع من المحسنات البديعية، بل كان من بينها بعض مسائل البيان؛ كالاستعارة والكناية.
٣ كتب عبد القاهر كتابيه "دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة", وقد وقف معظم فصول الأول على المعاني, ومعظم فصول الثاني على البيان.

<<  <   >  >>