للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تراثهم حقه من العناية والجهد؛ إذ إن العبث به أو التسرع في إخراجه بلا ترو وتؤدة أشد وبالا من بقائه دفينا في خزائن المكتبات، وانطلاقا من هذا المبدأ وقع اختياري على كتاب "إسفار الفصيح" لأبي سهل محمد بن علي الهروي ليكون موضوع رسالتي للدكتوراه تحقيقا ودراسة؛ ودعاني إلى ذلك وقوفي على نسخة من هذا الكتاب بخط أبي سهل نفسه في مكتبة الأستاذ عبد القدوس الأنصاري رحمه الله، وقد تمكنت - بفضل الله - من تصويرها، فوجدتها نسخة كاملة تخلو من عيوب المخطوطات العتيقة، وخطها واضح وجميل، ثم تصفحت الكتاب فوجدته غزير المادة تناول فيه مؤلفه قدرا كبيرا من مفردات اللغة وشروحها، وعرض لعدد من المسائل المهمة في اللغة والنحو والصرف، وأورد أقوال عدد من أئمة اللغة وناقش بعض تلك الأقوال، وانفرد ببعض الآراء العلمية في ذلك النقاش، كما وجدت الكتاب غنيا بشواهده من القرآن الكريم والحديث الشريف والشعر والأمثال والأقوال.

وكذلك فإن هذا الكتاب مع مختصره المعروف باسم "التلويح في شرح الفصيح" هما الأثران الوحيدان اللذان وصلا إلينا من بين مؤلفات أبي سهل المفقودة، وقد كان المختصره هذا أهمية كبيرة، وشهرة واسعة عند الباحثين المعاصرين؛ فهو أول شرح يطبع من شروح الفصيح، بل كان من أوائل كتب التراث التي عرفت الطباعة الحديثة، فضلا عن أن مؤلفه كان عالما جليلا ولغويا ثبتا، روي عددا من كتب اللغة كالصحاح والغريبين والجمهرة وغيرها، وحفلت كتب العربية الأصول بكثير من أقواله،

<<  <  ج: ص:  >  >>