للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث السادس: منزلته العلمية.

سبق القول في حديثنا عن عصر أبي سهل إنه كان - من الناحية العلمية - من أزهى عصور الحضارة الإسلامية تقدما وازدهارا في العلوم كلها، ولا سيما علوم اللغة العربية.

ثم كان من توفيق الله لأبي سهل أنه ولد ونشأ في بيت علم، إذ كان أبوه أحد الراسخين في علوم اللغة العربية، وممن أوتي بسطة في تحصيلها، فحمل الإبن عنه علما كثيرا، ونهل من شرعته أدبا وفيرا.

ثم أخذ عن مشاهير علماء عصره وقرأ عليهم أصول كتب اللغة كالغريب المصنف، والجمهرة، والتهذيب، والصحاح، والغريبين وغيرها.

ثم تلى مرحلة التعلم مرحلة أخرى من حياته، وهي مرحلة العطاء بعد أن تم نضجه العلمي، وأصبح كثير الحفظ واسع الرواية، كثير الإطلاع، فالتف حوله طلاب العلم يقرأون عليه، ويروون عنه، ويلتمسون منه وضع المصنفات، وكان بعضهم ممن رحل إليه من أقاصي البلاد، وأصبحوا فيما بعد من العلماء المشاهير، كما سبق في ترجمة تلاميذه.

وقد هيأت له هذه المنزلة العلمية الرفيعة أن يرأس المؤذنين بجامع عمرو بن العاص الذي كان منارة علم وإشعاع، وإليه يفد الطلاب من

<<  <  ج: ص:  >  >>