ولعل في اختلاف الدول العربية مثلا في تعريف المدينة ما يدل على الفكرة السابقة، ففي مصر يقتصر تعريف المدينة على الوظيفة الإدارية التي تؤديها فقط ولذا فإن المدن المصرية كما ورد في تعدادات السكان الأخيرة "١٩٦٠، ١٩٦٦، ١٩٧٦" هي عواصم المحافظات وعواصم المراكز وتسير سوريا على نفس التعريف، والأردن يعتبر عدد السكان ١٠٠٠٠ نسمة حدا أدنى لتعريف المدن به، ولذلك فإن اختلاف التعريف بين الدول يجعل من الصعب عقد مقارنات دولية لتحديد سكان الحضر بدقة ومع ذلك فإن هذه المقارنة يمكن أن تتم في ضوء التعاريف المحلية المستخدمة لكل دولة.
وتعد بيئة المدينة أكثر البيئات الجغرافية تغيرا على الإطلاق حيث تمثل نموذجا مجسما لما أحدثه الإنسان في بيئته الجغرافية فقد استطاع أن يتركز في بقعة معينة على سطح الإقليم وأن يشيد في هذه البقعة المساكن والطرق والمصانع والمتنزهات ودور اللهو وغيرها، كما استطاع أن يغير الكثير من الملامح في مواضع المدن الأصلية، فأزال الغطاء النباتي بها وهذب الأنهار التي تمر بالمدينة وأقام الجسور عليها واستغل مياهها ومررها في أنابيب تحت السطح، وباستثناء بعض الحدائق التي زرعها الإنسان في الغالب بحشائش وأشجار مجلوبة، فإن عناصر البيئة الطبيعية في المدن شملها التغيير بصورة جوهرية، وعلى ذلك فالمدينة بحق تعد بيئة صنعها الإنسان لنفسه. أو بمعنى آخر فهي مثل مجسد على التغييرات المركبة التي أحدثها الإنسان في موطنه.
وبالرغم من أن المدن تختلف فيما بينها اختلافا جذريا -حيث إن لكل مدينة شخصيتها كما يقال- فإن دراستها ذات أهمية للجغرافي ذلك لأنها تعد بيئة فريدة بالرغم من أنها تشغل مساحات ضئيلة، ففي سنة ١٩٦٠ بلغت مساحة المناطق الحضرية في الولايات المتحدة والتي يزيد عدد سكان كل منها على ٥٠.٠٠٠ نسمة نحو ٢٥.٤٦٤ ميلا مربعا، أو نحو ٠.٧% من جملة مساحة البلاد، وفي هذه المساحة الضئيلة جدا يعيش ٩٦ مليون نسمة أو نحو ٥٤% من سكان البلاد في سنة ١٩٦٠. أما المدن الصغيرة التي يزيد سكان كل منها على ٢٥٠٠ نسمة إلى أقل من ٢٥٠٠٠ نسمة فيسكنها ٢٩.٤ مليون نسمة.
وتختلف كثافة السكان بالمدن اختلافا كبيرا، فأكبر مدن العالم لندن