وطوكيو ونيويورك يتراوح متوسط الكثافة السكانية بها بين ٢٤.٠٠٠ إلى ٣٠.٠٠٠ نسمة في الميل المربع وتزيد الكثافة داخل المدن حتى تصل إلى ٨٥.٠٠٠ نسمة/ ميل٢، كما هي الحال في جزيرة مانهاتن في نيويورك، ثم ما تلبث الكثافة أن تقل بالتدريج نحو الأطراف.
ويؤدي تزاحم السكان بالمدن إلى استغلال المناطق الفسيحة سواء فوق سطح الأرض أو تحت هذا السطح -وقد أدى ذلك إلى ظاهرة ناطحات السحاب التي تميز شيكاغو ونيويورك مثلا- والتي أدى نشاطها الحالي إلى الضغط على وسائل المواصلات التي وجدت متنفسا لها في الأنفاق السفلية.
ولما كان علم الجغرافية قد اتجه فيما بعد الحرب العالمية الثانية إلى دراسة مشاكل الإقليم -فيما يعرف بالجغرافيا التطبيقية التي تعنى بمشاكل توزيع وتنظيم المجتمع ومرافقه ومصالحه في الإطار الإقليمي الذي يشغله، فقد انعكس ذلك بوضوح على جغرافية المدن فقد دخلت ميدان التخطيط الإقليمي وتخطيط المدن Regional & Town Planning؛ ذلك لأن للتخطيط أساسا جغرافيا لا مفر منه سواء للمدن أو الريف.
وقد أنشئت مناهج ودراسات في الجغرافيا التطبيقية وفي التخطيط الإقليمي في كثير من الجامعات الفرنسية والأمريكية، إما في أقسام الجغرافيا أو في معاهد متخصصة لدراسة العمران الحضري. وفي إنجلترا تكاثر عدد المهتمين بجغرافية المدن التطبيقية للمساهمة في استغلال الأرض Land -Use وتخطيط المدن وأصبح هناك عدد كبير من الجغرافيين المحترفين في وزارات الإسكان والحكم المحلي يعملون جنبا إلى جنب مع المهندسين والمساحين في التخطيط وذلك للإسهام في وضع خطة عمرانية تراعي إعادة توزيع السكان في ضوء توزيع المراكز العمرانية واتجاه النمو في الإقليم، بغية تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للتخطيط الإقليمي.
ونحن في الدول العربية في حاجة ماسة إلى إدراك حقيقة تخطيط المدن والأقاليم وأسسه الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية، ولا يمكن أن يتم ذلك بالصورة المنشودة إلا بالتعاون الكامل بين المهندسين من ناحية والجغرافي والاجتماعي والاقتصادي من ناحية أخرى في صورة هيئة مشتركة، بل ينبغي