للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مرة، وقد نجمت معظم الزيادة عن التدفق الهجري نحو المدن الذي يتمثل في الهجرة الريفية الحضرية وهي أكثر أنماط الهجرات ضخامة في العصر الحديث.

وقد ارتبط بالنمو السكاني الحضري المرتفع تزايد في أحجام المدن القائمة والمستحدثة، فقد كان بالعالم سنة ١٨٠٠ أقل من ٥٠ مدينة فئة ١٠٠.٠٠٠ نسمة فأكثر وارتفع هذا العدد إلى ٩٠٠ مدينة في سنة ١٩٥٠ وإلى ١٣٠٠ في سنة ١٩٦٢، ويبدو أن معدل النمو الحضري أخذ في التزايد على مستوى العالم ككل، وإذا استمر هذا الاتجاه بنفس المعدل فإن المدن ذات ١٠٠.٠٠٠ نسمة فأكثر ستحوي أكثر من ربع سكان العالم سنة ٢٠٠٠ وأكثر من النصف سنة ٢٠٥٠. ١ وبديهي أن ذلك سيكون على حساب معدلات النمو في الريف، ذلك أنه باستمرار الاتجاه نحو ميكنة الزراعة ستقلل من أعداد الأيدي العاملة على الأرض الزراعية ومن ثم تتزايد دوافع الهجرة نحو المدن باستمرار.

وتعد المدن المليونية نماذج مجسدة للنمو الحضاري، وأرجح الظن أن العالم لم يعرفها إلا منذ سنة ١٨٠٠ وذلك لأنها تعد طفرة حضارية في تاريخ البشرية ففي أوائل القرن التاسع عشر لم يكن بالعالم إلا مدينة مليونية واحدة وتزايد عددها حتى وصل إلى ١١ مدينة في سنة ١٩٠٠ ثم إلى ٥٠ مدينة في سنة ١٩٥٠ ثم قفر هذا العدد ليصل إلى ١٠٠ مدينة مليونية في سنة ١٩٧٠ ومن جملة هذا العدد هناك ٦٤ مدينة يربو حجم كل منها على مليوني نسمة.

وتتميز غالبية دول العالم النامي بالنمو السريع في جملة سكانها وبأن معدل تزايد سكان الحضر بها كبير بدرجة تفوق معدل النمو القومي، ففي مصر مثلا كان هناك ١.٩ مليون نسمة يعيشون في المدن سنة ١٨٩٧، ارتفع هذا الرقم ليصل إلى ١٢ مليون نسمة في سنة ١٩٦٦ وارتفعت بذلك نسبة سكان الحضر إلى جملة السكان من ٢٠% إلى ٤٠% بين هذين التاريخين، ويبلغ معدل النمو السكاني في المدن المصرية حوالي ضعف مثيله على مستوى القطر بأكمله، وتتكرر نفس الظاهرة في كثير من الدول النامية، ففي البرازيل


١ Ibid, p. ٦٤.

<<  <   >  >>