للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

على أنَّ التوفيق: أن لا يكلك الله إلى نفسك، وأنَّ الخذلان: أن يخلي بينك وبين نفسك» (١).

ومناسبة الحديث للباب: من جهة أنَّ الحديث دلَّ على أنَّ من علَّق قلبه بشيء دون الله، فإنَّ هذا من الشرك، ويكون جزاؤه من الله أن يكله إلى هذا الذي توكَّل عليه، ولن يجد فيه نفعًا ولا دفعًا.

ورابع الأحاديث: عن رويفع قال: قال رسول الله : «يَا رُوَيْفِعُ، لَعَلَّ الْحَيَاةَ تَطُولُ بِكَ، فَأَخْبِرِ النَّاسَ أنَّه مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ، أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا، أَوْ اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دَابَّةٍ أَوْ عَظْمٍ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا مِنْهُ بَرِيءٌ».

ورويفع: هو ابن ثابت الأنصاري، طال عمره وتوفي سنة (٥٦ هـ) (٢)، فوقع ما أخبر به النبي من قوله: «لَعَلَّ الْحَيَاةَ تَطُولُ بِكَ».

* وقوله: «فَأَخْبِرِ النَّاسَ»: فيها دليلٌ على وجوب إخبار الناس وتبليغ العلم والعقيدة الصحيحة، وهذا واجب وأمانة يتحمّلها القادرون.

* وقوله: «مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ»: عقدُ اللحية يُفَسّرُ على أحد أوجهٍ أربعة:

١. ما كانوا يفعلونه في الحروب -في الجاهلية- مِنْ عقد لحاهم تكبرًا وافتخارًا وهذا من زِيّ الأعاجم.

٢. ما يفعله أهل الترف من تجعيد لحاهم وتحسينها وكدّها حتى تتجعّد، وهذا للتجمّل، وهذا فعل أهل التأنيث، مع أنَّ إصلاح اللحية ودهنها وإكرامها مطلوب، لكن ما لم يصل إلى الترف والإسراف.


(١) الفوائد (٩٠).
(٢) انظر: سير أعلام النبلاء (٣/ ٣٦)، البداية والنهاية (٨/ ٦١).

<<  <   >  >>