للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨ - باب قول الله تعالى ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ [القصص الآية (٥٦)].

في الصحيح عن ابن المسيب عن أبيه قال: «لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ اَلْوَفَاةُ، جَاءَهُ رَسُولُ الله وَعِنْدَهُ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ أَبِي أُمِّيَّةَ وَأَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَمِّ، قُلْ: لا إله إلّا الله، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اَللَّهِ، فَقَالَا لَهُ: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ؟ فَأَعَادَ عَلَيْهِ اَلنَّبِيُّ ، فَأَعَادَا، فَكَانَ آخَرَ مَا قَالَ: هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لا إله إلّا الله فَقَالَ اَلنَّبِيُّ : لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ، فَأَنْزَلَ الله ﷿: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة، الآية (١١٣)]».

وأنزل الله في أبي طالب: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص، الآية (٥٦)] (١) (٢).


(١) أخرجه البخاري (٣٨٨٤)، ومسلم (٢٤).
(٢) فيه مسائل:
الأولى: تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص، الآية (٥٦)].
الثانية: تفسير قوله: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة، الآية (١١٣)].
الثالثة وهي المسألة الكبرى: تفسير قوله : «قل: لا إله إلا الله» بخلاف ما عليه من يدعي العلم.
الرابعة: أن أبا جهل ومن معه يعرفون مراد النبي ، إذا قال للرجل: «قل: لا إله إلا الله». فقبَّح الله من أبو جهل أعلم منه بأصل الإسلام.
الخامسة: جِدُّه ومبالغته في إسلام عمه. السادسة: الرد على من زعم إسلام عبد المطلب وأسلافه.
السابعة: كونه استغفر له فلم يُغفر له، بل نُهي عن ذلك. الثامنة: مضرة أصحاب السوء على الإنسان.
التاسعة: مضرة تعظيم الأسلاف والأكابر. العاشرة: الشبهة للمبطلين في ذلك؛ لاستدلال أبي جهل بذلك.
الحادية عشرة: الشاهد لكون الأعمال بالخواتيم؛ لأنه لو قالها لنفعته.
الثانية عشرة: التأمل في كبر هذه الشبهة في قلوب الضالين؛ لأن في القصة أنهما لم يجادلوه إلا بها، مع مبالغته هـ وتكريره، فلأجل عظمها ووضوحها عندهم، اقتصروا عليها.

<<  <   >  >>