للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩ - باب من تبّرك بشجر أو حجر أو نحوهما

وقول الله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى﴾ [النجم، الآية (١٩)].

عن أبي واقد الليثي قال: «خرجنا مع رسول الله إِلَى حُنَيْنٍ وَنَحْنُ حُدَثَاءُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ، ولِلْمُشْرِكِينَ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا، ويَنُوطُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : اللهُ أَكْبَرُ، إنَّها السُّنَنُ، قُلْتُمْ -وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ- كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لموسى: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ [الأعراف، الآية (١٣٨)]. لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ «(١) (٢).


(١) أخرجه الترمذي (٢١٨٠)، وأحمد (٤/ ٢١٨)، والطيالسي (١٣٤٦)، والحميدي (٨٤٨)، وابن أبي شيبة في المصنف (١٥/ ١٠١)، والطبري في التفسير (٩/ ٤٥)، وابن حبان (٦٧٠٢)، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الألباني في ظلال الجنة (٧٦).
(٢) فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية النجم. الثانية: معرفة صورة الأمر الذي طلبوه. الثالثة: كونهم لم يفعلوا.
الرابعة: كونهم قصدوا التقرب إلى الله بذلك؛ لظنهم أنه يحبه. الخامسة: أنهم إذا جهلوا هذا فغيرهم أولى بالجهل.
السادسة: أن لهم من الحسنات والوعد بالمغفرة ما ليس لغيرهم.
السابعة: أن النبي لم يعذرهم، بل رد عليهم بقوله: «الله أكبر! إنها السنن، لتتبعن سنن من كان قبلكم» فغلَّظ الأمر بهذه الثلاث.
الثامنة: الأمر الكبير، وهو المقصود: أنه أخبر أن طلبهم كطلب بني إسرائيل لما قالوا لموسى: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا﴾ [الأعراف، الآية (١٣٨)].
التاسعة: أنّ نفي هذا معنى (لا إله إلا الله)، مع دقته وخفائه على أولئك. العاشرة: أنه حلف على الفتيا، وهو لا يحلف إلا لمصلحة.
الحادية عشرة: أن الشرك فيه أكبر وأصغر؛ لأنهم لم يرتدوا بهذا.
الثانية عشرة: قولهم: «ونحن حدثاء عهد بكفر» فيه أن غيرهم لا يجهل ذلك. الثالثة عشرة: التكبير عند التعجب، خلافًا لمن كرهه. الرابعة عشرة: سد الذرائع. الخامسة عشرة: النهي عن التشبه بأهل الجاهلية. السادسة عشرة: الغضب عند التعليم.
السابعة عشرة: القاعدة الكلية لقوله: «إنها السنن». الثامنة عشرة: أن هذا عَلم من أعلام النّبوة؛ لكونه وقع كما أخبر.
التاسعة عشرة: أن ما ذم الله به اليهود والنصارى في القرآن أنه لنا.
العشرون: أنه متقرر عندهم أن العبادات مبناها على الأمر، فصار فيه التنبيه على مسائل القبر. أما «من ربك»؟ فواضح، وأما «من نبيك»؟ فمن إخباره بأنباء الغيب، وأما «ما دينك»؟ فمن قولهم: «اجعل لنا … » إلخ.
الحادية والعشرون: أن سنة أهل الكتاب مذمومة كسنة المشركين.
الثانية والعشرون: أن المنتقل من الباطل الذي اعتاده قلبه لا يُؤمَن أن يكون في قلبه بقية من تلك العادة؛ لقوله: «ونحن حدثاء عهد بكفر».

<<  <   >  >>