للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المقدمة الأولى: في شرف علم التوحيد]

اعلم -وفقك الله- أنَّ من العلم ما هو من علوم الغايات، ومنه ما هو من علوم الوسائل، وإنّما يَشرُف العلم بشرف ثمرته.

وأشرفُ علومِ الغاياتِ علمُ التوحيد والاعتقاد، فهو أساسُ الدين، وأسنى المطالب، وأشرفُ المكاسب، مَنْ ناله فهو أربحُ الناسِ صفقةً، ومَن خسِره فهو المغبون حقًّا، فبالتوحيد تطمئنُّ القلوب، وتنشرحُ الصدور، ويتميز أولياء الرحمن من أولياء الشيطان، وعلى حسب كماله تُنال ولاية الله، ويكون انشراح الصدر، وبفقده تحلّ الهموم والغموم.

قال ابن القيم متحدثًا عن شرفِ هذا العلم، وشرفِ تعلمه:» فإنّ أولى ما يتنافسُ به المتنافسون، وأحرى ما يتسابقُ في حلبة سباقه المتسابقون، ما كان بسعادة العبد في معاشه ومعاده كفيلًا، وعلى طريق هذه السعادة دليلا، وذلك العلم النافع، والعمل الصالح، اللذان لا سعادة للعبد إلّا بهما، ولا نجاة له إلّا بالتعلق بسببهما … ولمّا كان العلم للعمل قرينًا وشافعًا، وشرفه لشرف معلومه تابعًا، كان أشرف العلوم على الإطلاق علم التوحيد، وأنفعها علم أحكام أفعال العبيد» (١).


(١) إعلام الموقعين عن رب العالمين (١/ ٤).

<<  <   >  >>