الاستشفاع: طلبُ الشفاعةِ، والأصلُ أنَّ الشفاعةَ تكون من الأسفلِ للأعلى، فالإنسانُ قد يتمكن مثلًا من الوصول إلى الوزير، لكنه لا يملك أن يصل إلى الملك، فيطلب من الوزير أن يشفع له عند الملك، وملوكُ الدنيا يُشَفِّعونَ من له عليهم حقٌ، أو من يحتاجون له.
ومَن عرف ربّه وقَدَره حقّ قدرِه علم أنَّ شأن الله عظيم، فالخلق كلهم بيده، وكلهم محتاجون له، وليس لأحدٍ عليه حق.
فالمراد بهذا الباب: بيان أنَّه لا يجوز أن يَجْعل أحدٌ اللهَ شفيعًا على الخلق، يشفع له عندهم؛ لأنَّ شأن الله أعظم وأجل من أن يستشفع به على أحد من خلقه.
وعلاقة الباب بالتوحيد: من جهة أن هذا الفعل فيه تنقص لله، وسوء أدب معه سبحانه وهذا ينافي كمال التوحيد.
المسألة الثانية: ذكر المصنّف في الباب حديث جبير بن مطعم ﵁، وقد أخرجه أبو داود وغيره من طريق مُحَمَّد بن إِسْحَاق عن يَعْقُوب بن عُتْبَة، عن جُبَيْر بن مُحَمَّد بن جُبَيْر بن مُطْعِم، عن أبيه، عن جبير ﵁، وقد أُعل الحديث بأن مداره على ابن إسحاق، وهو مشهور بالتدليس، وقد عنعن.
وفيه جبير بن محمد بن جبير؛ لم يُذكَر بجرحٍ ولا تعديلٍ، فهو مجهول الحال، وقد أورده ابن حبان في الثقات على قاعدته في إيراد المجاهيل