للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومنهم من لا يرى ذلك، ويكفِّرُ أهله، ويتبرأ منهم، لكنه قد وقع في عبادة الأنبياء، والصالحين؛ فاعتقد أنه يستغاث بهم في الشدائد والملمات، وأنهم هم الواسطة في إجابة الدعوات، وتفريج الكربات، فتراه يصرف وجهه إليهم، ويسوي بينهم وبين الله في الحب والتعظيم، والتوكل والاعتماد، والدعاء والاستغاثة، وغير ذلك من أنواع العبادات، وهذا هو: دين جاهلية العرب الأميين، كما أن الأول هو دين الصابئة الكنعانيين» (١).

* كل هذا مما جعل الشيخ يجتهد في الدعوة إلى التوحيد.

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن: «وقد أخبرنا شيخنا يعني: محمد بن عبد الوهاب- أنَّه كان في ابتداء طلبه للعلم وتحصيله في فنّ الفقه وغيره، لم يتبيّن له الضلال الذي كان الناس عليه من عبادة غير الله من جِنّ أو غائب، أو طاغوت، أو شجر أو حجر، أو غير ذلك، ثم إنَّ الله جعل له نَهمةً في مُطالعة كتب التفسير والحديث، وتبيَّن له من معاني الآيات المحكمات والأحاديث الصحيحة أنَّ هذا الذي وقع فيه الناس من هذا الشرك، أنَّه الشرك الذي بعث الله رسله، وأنزل كتبه بالنهي عنه، وأنَّه الشرك الذي لا يغفره الله لمن لم يتب منه، فبحث في هذا الأمر مع أهله وغيرهم من طلبة العلم، فاستنار قلبه بتوحيد الله الذي أرسل به رسله وأنزل به كتبه، فأعلن بالدعوة وبذل نفسه لذلك على كثرة المخالفين، وصبر على ما ناله من الأذى العظيم في ابتداء دعوته، فلما اشتهر أمره، أجلبوا عليه بالعداوة، خصوصًا العلماء والرؤساء، وحرصوا على قتله، فأتاح الله له من ينصره، على قِلَّةٍ منهم وحاجةٍ، وتصدى لحربهم القريب والبعيد، واستجلبوا على


(١) الدرر السنية في الأجوبة النجدية (١/ ٤٥٦).

<<  <   >  >>