٢ - ما لا يملك فعله حِسًّا: كما لو نذر أن يطير في الهواء، ونحوه مما يستحيل.
ومعنى الحديث: أنَّ هذا الرجلَ أتى النبيّ ﷺ يسأله في نذرٍ نذره على نفسه، أن ينحر إبلًا في بوانة، فأراد النبيّ ﷺ أن يسأله لِمَ خصص هذا الموضع؟ هل كان فيه وثن لأهل الجاهلية، ولو قبل مدة، أو فيها عيدٌ فاعتادوا أن يأتوا هذا المكان ويتخذوه عيدًا، ولو لم يكن فيه وثن، وفي حديث ابن عباس أنَّه ﷺ قال له:«فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ؟»(١) فلما أجابه بالنفي، وتيقّن النبيُّ ﷺ من سلامة المكان من أمور الشرك ووسائله وشوائبه أذن له بالوفاء بنذره فيه.
ووجه الشاهد من الحديث: استفصال النبيّ ﷺ من هذا الرجل، فإنه يدل على أنَّه لو كان في البقعة مكان لعيدهم أو وثن من أوثانهم، فإنَّ هذا مانع من الذبح فيها، وإلا لما حسن الاستفصال.
فيؤخذ منه المنع من الذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله، وإن كان الذين يذبحون فيه لغير الله قد أسلموا، وتركوا ذلك المكان والعيد، سدًّا للذريعة، حتى لا يكون الذبح هناك سببًا لإحياء تلك البقعة، وذريعةً لاتخاذها عيدًا.
المسألة الرابعة: كيف يُجابُ عن فعل الصحابة - كابن عمر وغيره -حين صلوا في الكنيسة، فهم تعبدوا لله في مكانٍ يتعبد فيه لغير الله؟
* الجواب على هذا الإيراد من وجوه أقواها اثنان:
١ - أن الصلاة تخالف صلاة أهل الكنيسة، فلا يكون الإنسانُ متشبهًا بهم في العمل، فهم لهم صلاةٌ من نوعٍ يخالف صلاة المسلمين، بخلاف الذبح