للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم تكلم عن طلبه للعلم، ثم قال: «ولما امتلأ وِطابهُ من الآثار وعلم السنة، وبرع في مذهب أحمد، أخذ ينصر الحق، ويحارب البدع، ويقاوم ما أدخله الجاهلون في هذا الدين الحنفي والشريعة السمحاء، وأعانه قوم أخلصوا العبادة لله وحده، على طريقته التي هي إقامة التوحيد الخالص والدعاية إليه، وإخلاص الوحدانية والعبادة كلها بسائر أنواعها لخالق الخلق وحده، فحبا إلى معارضته أقوامٌ أَلِفوا الجمودَ على ما كان عليه الآباء، وتدرعوا بالكسل عن طلب الحق، وهم لا يزالون إلى اليوم يضربون على ذلك الوتر، وجنودُ الحقِّ تُكافحهم، فلا تبقي منهم ولا تذر، وما أحقهم بقول القائل (١):

كناطحٍ صخرة يومًا ليوهنها … فلم يضرها، وأعيا قرنه الوعل

ولم يزل مثابرًا على الدعوة إلى دين الله تعالى حتى توفاه الله تعالى» (٢).

-رحم الله الشيخ رحمة واسعة، وجميع علماء المسلمين-.

رابعًا: مما تميزت به دعوة الشيخ : ارتباطها الوثيق بالكتاب والسنة، فلا يذكر أمرًا إلّا ويسوق عليه الدليل، ومن نظر في كتبه أدرك ذلك بجلاء.

فأشهر كتبه، مثلًا وهو كتاب التوحيد -الذي يدور حديثنا عليه- كله نصوص من آيات وأحاديث، وهذا يبين أنَّه لم يأتِ بجديد.

لكن المُشَغِّبينَ على الشيخ ودعوته من بعض الصوفية والخرافية وأضرابهم، يشيعون أنَّه مخالفٌ لما عليه العلماء، وكل هذا محضُ افتراء، وما زالوا ينسجون عنه الأكاذيب تلو الأكاذيب؛ ليشوهو سمعته، ويصرفوا الناس عن


(١) القائل هو الأعشى. انظر: جامع بيان العلم (٢/ ١١١٣)، محاضرات الأدباء (١/ ٣١١).
(٢) المدخل إلى مذهب الإمام أحمد، لابن بدران (ص: ٤٤٦).

<<  <   >  >>