للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* ﴿وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا﴾: أي أنَّ معبوداتهم لا تقدر على نصر من استنصر بهم من عابديهم، بل هم قاصرون عن ذلك، بل ولا يقدرون على نصر أنفسهم والدفاع عنها وردِّ الضر عنها، فكيف يدفعونه عن غيرهم، وقد روي أن عمرو بن الجموح اتخذ صنمًا من خشب في داره يقال له: مناة -كما كان الأشراف يصنعون-، فلما أسلم فتيانُ بني سلمة -ابنه معاذ، ومعاذ بن جبل- كانوا يدلجون بالليل على صنم عمرو ذلك، فيحملونه فيطرحونه في بعض حفر بني سلمة، وفيها عَذِرُ الناسِ منكسًا على رأسه، فإذا أصبح عمرو قال: «ويلكم من عدا على إلهنا هذه الليلة؟» ثم يغدو يلتمسه حتى إذا وجده غسله وطيبه وطهره، ثم قال: «أما والله لو أعلم من فعل بك هذا لأخزينه».

فإذا أمسى ونام عمرو عدوا عليه، ففعلوا مثل ذلك، فيغدو فيجده في مثل ما كان فيه من الأذى، فيغسله ويطيبه ويطهره، ثم يعدون عليه إذا أمسى فيفعلون به مثل ذلك، فلما أكثروا عليه، استخرجه من حيث ألقوه يومًا، فغسله وطهره وطيبه، ثم جاء بسيفه فعلقه عليه، ثم قال له: «إني- والله- ما أعلم من يصنع بك ما أرى، فإن كان فيك خير فامتنع، هذا السيف معك».

فلما أمسى ونام عمرو عدوا عليه، فأخذوا السيف من عنقه، ثم أخذوا كلبًا ميتًا فقرنوه به بحبل، ثم ألقوه في بئر من آبار بني سلمة، فيها عذر من عذر الناس، وغدا عمرو بن الجموح فلم يجده في مكانه الذي كان به، فخرج يتبعه حتى إذا وجده في تلك البئر منكسًا مقرونًا بكلب ميت، فعلم حينها أنَّه لا يدفع عن نفسه، فهداه الله للإسلام (١).


(١) أخرجه أبو نعيم في الدلائل (٢٢٨)، والبيهقي في الدلائل (٢/ ٤٥٦).

<<  <   >  >>