والحكمة من جعل الله الشفاعة: إكرامُ الله للشافع من وجهين:
١. ظهور فضل الشافع على المشفوع له.
٢. ظهور منزلة الشافع عند الله.
المسألة الخامسة: ذكر المصنف في الباب خمس آيات متعلقة بالشفاعة:
(١) قول الله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ﴾ [الأنعام، الآية (٥١)]. في هذه الآية خَوَّفَ اللهُ عباده يوم الحشر الذي ليس للإنسان فيه أحدٌ إلّا الله، فليس لهم هناك أحدٌ يدافع عنهم من معبوداتهم، وإذا كان الإنذار هنا هو للمؤمنين الذين يخافون يوم الحشر، وأنَّهم ليس لهم وليٌ ولا شفيع، فكيف بمن وقع في الشرك.
ففي الآية نفي الشفاعة التي لم تتوفر شروطها، ومفهوم هذا أنَّها ثابتةٌ بإذنه، كما قال: ﴿لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ﴾.
قال المفسرون: إنَّ (أم) بمعنى: (بل)، أي أنَّ الله أنكر عليهم طلب الشفاعة من دون الله حين قال: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ﴾، وقال لهم: ﴿أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ﴾، وهذه حقيقة الخلق كلهم، فهم إما أنَّهم لا يعقلون، فلا يعلمون شيئًا مما في نفوس الناس من حاجاتهم، ولو عقلوا فإنَّهم لا يملكون، ثم قال: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾، ففُهم من هذا أمورٌ: