للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

النفعِ، والنفعُ لا يكون إلّا ممن فيه خصلةٌ من هذه الأربع: إمّا مالكٌ لما يريده عابده منه، فإن لم يكن مالكًا كان شريكًا للمالك، فإن لم يكن شريكًا له كان معينًا له وظهيرًا، فإن لم يكن معينًا ولا ظهيرًا كان شفيعًا عنده، فنفى سبحانه المراتب الأربع نفيًا مترتبًا متنقلًا من الأعلى إلى ما دونه، فنفى الملك والشركة والمظاهرة والشفاعة التي يظنها المشرك، وأثبت شفاعةً لا نصيب فيها لمشرك، وهي الشفاعة بإذنه، فكفى بهذه الآية نورًا وبرهانًا ونجاةً وتجريدًا للتوحيد، وقطعًا لأصول الشرك ومواده لمن عقلها» (١).

المسألة السادسة: ذكر المصنف كلام ابن تيمية في الشفاعة، وهو كلامٌ متين، حريٌ بالتأمل، وخلاصة كلامه ما سبق بيانه.

وتأمّل حديث أبي هريرة الذي ذكره ابن تيمية، حيث جعل أشرف أسباب نيل الشفاعة توحيد الله، ولذا قال ابن القيم: «تأمل هذا الحديث كيف جعل أعظم الأسباب التي تُنال بها شفاعته تجريد التوحيد، عكس ما عند المشركين أنَّ الشفاعة تنال باتخاذهم أولياءهم شفعاء، وعبادتهم وموالاتهم من دون الله، فقلبَ النبيُّ ما في زعمهم الكاذب، وأخبر أنَّ سبب الشفاعةِ تجريدُ التوحيد، فحينئذ يأذن الله للشافع والمشفوع» (٢).

ثم تأمّل قوله عن رسول الله أنَّه لا يَسأل إلا حين يخرُّ ساجدًا ويدعو ثم يؤذن له بالشفاعة، فإذا كان الرسول وهو أعظمُ الناس جاهًا عند الله لا يشفع، إلّا بعد أن يحمد الله ويثني عليه، ويتضرع ويطيل السجود ويفتح عليه من المحامد، فكيف بهذه الأصنام؟!


(١) مدارج السالكين (١/ ٣٥١).
(٢) مدارج السالكين (١/ ٣٤٩).

<<  <   >  >>