للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَاِتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، أَلَا وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، أَلَّا فَلَا تَتَّخِذُوا اَلْقُبُورَ مَسَاجِدَ، فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» (١).

فقد نهى عنه في آخر حياته، ثم إنَّه لعن -وهو في السياق- من فعله، والصلاة عندها من ذلك وإن لم يبن مسجد، وهو معنى قولها: «خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا»، فإنَّ الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجدًا، وكلُّ موضع قُصِدَت الصلاةُ فيه فقد اتُخِذَ مسجدًا، بل كل موضع يُصلى فيه يسمى مسجدًا، كما قال : «جُعِلَتْ لِيَ اَلْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» (٢).

ولأحمد بسند جيد عن ابن مسعود مرفوعًا: «إِنَّ مِنْ شِرَارِ اَلنَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمْ اَلسَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَاَلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ اَلْقُبُورَ مَسَاجِدَ» (٣) (٤).


(١) أخرجه مسلم (٥٣٢).
(٢) أخرجه البخاري (٣٣٥)، ومسلم (٥٢١) من حديث جابر.
(٣) أخرجه أحمد (١/ ٤٠٥)، وابن خزيمة (٧٨٩)، وابن حبان (٦٨٤٧)، والطبراني (١٠/ ١٨٨)، والبزار (٣٤٢٠)، وعلق البخاري شطره الأول في الصحيح (٧٠٦٧) بصيغة الجزم، وقال ابن تيمية في الاقتضاء (١٥٨): اسناده جيد.
(٤) فيه مسائل:
الأولى: ما ذكره الرسول فيمن بنى مسجدًا يُعبد الله فيه عند قبر رجل صالح، ولو صحت نية الفاعل.
الثانية: النهي عن التماثيل، وغلظ الأمر في ذلك.
الثالثة: العبرة في مبالغته في ذلك، كيف بيَّن لهم هذا أولًا، ثم قبل موته بخمس قال ما قال، ثم لمَّا كان في السياق لم يكتف بما تقدم.
الرابعة: نهيه عن فعله عند قبره قبل أن يوجد القبر. الخامسة: أنه من سنن اليهود والنصارى في قبور أنبيائهم.
السادسة: لعنُه إياهم على ذلك. السابعة: أن مراده تحذيره إيانا عن قبره.
الثامنة: العلة في عدم إبراز قبره. التاسعة: في معنى اتخاذها مسجدًا.
العاشرة: أنَّه قرَن بين من اتخذها وبين من تقوم عليهم الساعة، فذكر الذريعة إلى الشرك قبل وقوعه مع خاتمته.
الحادية عشرة: ذكره في خطبته قبلَ موته بخمس: الرد على الطائفتين اللتين هما شر أهل البدع، بل أخرجهم بعضُ أهل العلم من الثنتين والسبعين فرقة، وهم الرافضة والجهمية، وبسبب الرافِضة حدث الشرك وعبادة القبور، وهم أول من بنى عليها المساجد.
الثانية عشرة: ما بُلي به من شدة النزع. الثالثة عشرة: ما أُكرم به من الخلّة.
الرابعة عشرة: التصريح أن أبا بكر أفضل الصحابة. الخامسة عشرة: الإشارة إلى خلافته.

<<  <   >  >>