وفي هذه الجملة بيانُ سببِ دفنِ النبيِّ ﷺ في حجرته، وعدم إبرازه للناس، وأنَّ ذلك لأمرين:
أ) أنَّه أصْوَنُ له من دفنه مع الناس، حيث لو وقع ذلك لغلا البعضُ في قبره.
ب) لإخباره ﷺ أنَّه ما قُبِضَ نبيٌ إلّا دُفِن حيث قُبِض.
وإذا كان النهيُ للمسجد الذي يصلى فيه لله، وعند قبر النبيّ ﷺ، فما بالك بمن يقيم حول القبور والأضرحة مساجد وقُببًا يصلي فيها، ويطوف عليها، ويدعو الميت مباشرة أن يشفع له أو يفرج عنه، والله المستعان.
فإن قيل: كيف يجاب عن وضع قبر النبيّ ﷺ في المسجد، وهذا كان منذ القدم ولم ينكره العلماء؟ أوليس هذا السكوتُ دليلًا على جواز جعل القبور في المساجد؟
* الجواب من أوجه:
١ - أنَّ القبر جُعِلَ في بيته ﷺ، ولعل ذلك لئلا يكون بارزًا للعوام، فيفتن به الجهال.
٢ - أنَّ المسجد كان موضوعًا قبل القبر، فلم يُبن المسجد على القبر.
٣ - أنَّ القبر لم يكن في المسجد، بل إنَّ الصحابة لما احتاجوا إلى توسعة المسجد في عهد عمر ﵁ تحاشوا إدخال حجرات النبيّ ﷺ، وأخذوا بيت العباس وهو بجوارها، وكذا عثمان ﵁ لم يدخل الحجرات في المسجد حين وسعه.
٤ - أنَّ إدخال حجرات أمهات المؤمنين في المسجد وقع في خلافة الوليد