وهذا إخبارٌ من النبيّ ﷺ وهذه معجزةٌ من معجزاته، أنَّ الناس سيتبعون سَنن وطريقَ اليهود والنصارى، حتى لو دخلوا جُحر ضبٍّ لدخلوه معهم.
وإنما شبّه بجحر الضب؛ لصعوبته وضيقه وتعرجه، ومع ذلك تحصل المتابعة لهم، وهذا لا يكون لجميع الأمّة، بل لأناس منها، لما تواتر أنَّ الأمة لا تجتمع على ضلالة.
ومناسبة الحديث للباب: كما في الآيات قبله، فقد أخبر النبيُّ ﷺ أنَّ في هذه الأمة مَنْ سيتابع الأمم السابقة في كل شيء، وقد وقع الشرك في الأمم السابقة، وعلى هذا سيوجد هذا في هذه الأمّة.
وثاني الأحاديث: حديث ثوبان ﵁، أن رسول الله ﷺ قال:«إِنَّ اَللَّهَ زَوَى لِيَ اَلْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ اَلْكَنْزَيْنِ اَلْأَحْمَرَ، وَالْأَبْيَضَ».
أ- أنَّ الله قوّى له بصره حتى أبصر مشارق الأرض ومغاربها.
ب- أنّ الأرض جمعت له وطويت حتى رأى البعيدَ، وهذا أقربُ لظاهرِ اللفظ، وهو من معجزات النبيّ ﷺ.
قال القرطبي: «هذا الخبر وجد مخبره كما قال ﷺ، وكان ذلك من دلائل نبوته ﷺ، وذلك أنَّ ملك أمته اتسع إلى أن بلغ أقصى طنجة، الذي هو منتهى عمارة المغرب، إلى أقصى المشرق مما وراء خراسان والنهر، وكثير من بلاد السند والهند والصُغد، ولم يتسع ذلك الاتساع من جهة الجنوب والشمال،