للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكلمةُ الطيبةُ يسمعها، فينشرح صدرُه ويقوى عزمه على ما يريد، ويُحسِنُ الظنَّ بربّه، ويُزيل عن القلب ما يلقيه الشيطان من تخويف وتوهم (١).

والفرق بين الفأل وبين الطيرة بيّنه السعدي بقوله: «الفرق بينهما: أنَّ الفأل الحسن لا يدخل بعقيدة الإنسان ولا بعقله، وليس فيه تعليق القلب بغير الله، بل فيه من المصلحة النشاط والسرور وتقوية النفوس على المطالب النافعة.

وصفة ذلك: أن يعزم العبدُ على سفرٍ أو زواج أو عقدة من العقود، أو على حالة من الأحوال المهمة، ثم يَرى في تلك الحال ما يسرّه، أو يسمعُ كلامًا يسرّه، مثل: يا راشد أو سالم أو غانم، فيتفائل، ويزداد طمعه في تيسير ذلك الأمر الذي عزم عليه، فهذا كله خير، وآثاره خير، وليس فيه من المحاذير شيء.

* وأما الطيرة: فإنَّه إذا عزم على فعل شيء من ذلك من الأمور النافعة في الدين وفي الدنيا، فيرى أو يسمع ما يكره أثّر في قلبه أحد أمرين، أحدهما أعظم من الآخر.

أحدهما: أن يستجيب لذلك الداعي، فيترُكَ ما كان عازمًا على فعله أو بالعكس، فيتطير بذلك وينكص عن الأمر الذي كان عازمًا عليه، فهذا كما ترى قد علّق قلبه بذلك المكروه غاية التعليق وعمل عليه، وتصرف ذلك المكروه في إرادته وعزمه وعمله.

الأمر الثاني: أن لا يستجيب لذلك الداعي، ولكنه يؤثر في قلبه حزنًا وهمًّا وغمًّا، فهذا وإن كان دون الأول، لكنه شر وضررٌ على العبد، وضعفٌ لقلبه


(١) انظر: أدب الدنيا والدين (ص: ٣١٦).

<<  <   >  >>