للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المحبّة، وهي من أعمال القلوب، والمحبّةُ اختلف في تعريفها على أقوالٍ، هي في الحقيقة آثارٌ للمحبّة، وأما المحبّةُ نفسها فعرّفها بعضهم بأنَّها: وصفٌ قائمٌ بالقلبِ يؤدي إلى السرور وغيره من المقتضيات، كالطاعة والمؤانسة.

ولعل الأحسن أن يقال: إنَّ المحبة هي من المصطلحات التي لا تُعَرَّفُ بتعريف أوضح منها، فتركُها بلا تعريف أحسن، كالماءِ، والبغضِ ونحو ذلك، فهي شعورٌ قلبيٌ لا توجد عبارةٌ جامعةٌ مانعةٌ تعبّر عنه.

المسألة الثانية: مناسبة الباب للتوحيد: أنَّ المحبّة عبادة، وإذا كانت كذلك وجب صرفُها لله، وكان صرفُها لغير الله شركًا كما فعل المشركون الذين أشار إليهم في الآية: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾

المسألة الثالثة: المحبّة أنواع، فهناك المحبّةُ الطبيعية، ومحبّةُ الزوج لزوجته ونحو ذلك، ولكن المراد بهذا الباب: المحبّة الخاصة، وهي محبّةُ العبادة التي تستلزم الذلّ والتعظيم والخضوع والتعظيم لله محبّة وذلًّا وإجلالًا، وتقتضي فعل أوامره وطاعته وإيثاره على غيره، فهذه المحبّة لا يجوز صرفها وتعلّقها بغير الله.

* ويدل على هذا ما يلي:

١) قوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا﴾ فذمّ المشركين؛ لأنَّهم اتخذوا أناسًا يحبونهم كحب الله.

ومعنى: ﴿يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾: أنَّهم يساوونهم بالله في المحبّة والتعظيم، فيجعلون معبوداتهم شركاء لله في المحبّة، فتكون محبّة مشتركة (١).


(١) انظر: قاعدة في المحبة (ص: ٦٩).

<<  <   >  >>