للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والخضوع لله سبحانه، وقد أثنى الله على أهله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ [فاطر، الآية (٢٨)]. وأمر بالخوف منه في نصوص عدة، ومنها:

١) الآية التي ساقها المصنف هي قوله: ﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾، فجعل الخوف منه شرطًا في الإيمان.

٢) قوله: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ﴾، والشاهد فيها: أنَّ الله حينما ذمّ المشركين ونفى عنهم عمارة المسجد الحرام بقوله: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ﴾ أثبت ذلك للمؤمنين، وأثنى عليهم وبيّن أنَّ مِنْ أظهَرِ خصالهم أنَّهم لا يخشون إلّا الله، والمراد: خشية التعظيم والعبادة، وبه تعلم أنَّ من صفات المؤمنين خشيتهم لله، وهذا دليل على أنَّهم مهتدون؛ لقوله: ﴿فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ قال ابن عباس : «(عسى) من الله واجبة» (١).

المسألة الثالثة: اعلم أنَّ العبد له مع الخوف من الله مقامان:

١) أن يكون مائلًا عن الاستقامة ومقصرًا: فيخاف أن يعاقبه الله، وذلك


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٦/ ١٧٦٦) من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وقال بمثل قول ابن عباس: يحيى بن سلام في تفسيره (١/ ١٥٥)، والشافعي في الأم (٤/ ١٦٩)، والأخفش في معاني القرآن (٢/ ٤٢٦)، والطبري في تفسيره (٨/ ٥٧٩)، (١٤/ ١٦٨)، والزجاج في إعراب القرآن (٢/ ١٨١).
وقال أبو عبيدة: (عَسَى اللهُ) هي إيجاب، وهي فِي القرآن كلها واجبة، فجاءت عَلَى إحدى لغتي العرب؛ لأن (عسى) فِي كلامهم رجاء ويقين. أخرجه ابن المنذر في تفسيره (٢٠٦٠).

<<  <   >  >>