وفيه- أيضًا- عظم حق الوالدين، حيث قرنه مع الأمر بعبادته وحده سبحانه، ونظيرها قوله: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ [لقمان، الآية (١٤)].
المسألة الرابعة: ذكر المصنف قوله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ [النساء، الآية (٣٦)]، وهذه الآية تسمّى آية الحقوق العشرة؛ لأنَّ فيها أمرٌ بعشر وصايا ابتدأت بالأمر بالعبادة والنهي عن الشرك، ثم حق الوالدين، وذي القربى، وهكذا.
فتقديم حق الله دليل على: أنَّه أعظم الحقوق وآكدها، فالعبد مأمور بأن يعبد الله، والعبادة إنّما تصح إذا توافر فيها الإخلاص والمتابعة، ثم زاد ذلك تأكيدًا بالنهي عن أي شيء من الشرك.
المسألة الخامسة: ذكر المصنّف في الباب قوله تعالى: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا … ﴾ [النساء، الآية (١٥١ - ١٥٣)].
ثم ذكر كلام ابن مسعود ﵁: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى وَصِيَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ اَلَّتِي عَلَيْهَا خَاتَمُه، فَلْيَقْرَأْ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾، إلى قوله: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ﴾ [النساء، الآية (١٥١ - ١٥٣)]».
وهذه الآيات تدل على أهمية التوحيد، من وجهين:
١. أنَّ الله تعالى ذكر في الآيات أمورًا، ذكر ابن مسعود بأنَّها وصيّة النبيّ ﷺ التي عليها خاتمه، والعادةُ: أنَّ الإنسان لا يوصي إلّا بأهم الأشياء، وختمُ الوصية دليلٌ على أنَّها لا تتغيّر، ولذلك قال ابن عباس: «هذه الآيات محكمات في جميع الكتب لم ينسخهن شيء، وهن محرمات على بني آدم كلهم،