الله متصرفًا، فنسب الحوادث لغير الله، وهذا مذهب من يسمون بالدهرية.
٢) أن يسبّ الدهر لا على أنَّه الفاعل، بل يعتقد أنَّ الله هو المدبّر المصرّف، لكنه سبّ الدهر لأنَّه كان محلًا وزمنًا للأمر المكروه عنده: فهذا حرام.
• والعلة: أنَّ هذا سفهٌ في العقل، فقد سبَّ ما ليس محلًا للسبِّ، وهو ضلال وتنقص لله؛ لأنّ السبَّ يعود إلى المتصرّف بالدهر وهو الله، فالدهرُ لا يُقَدِّرُ شيئًا بل الله هو الذي يُقَدِّر.
ونظير هذا لو أنَّ رجلًا حكم عليه القاضي بأمرٍ، أو أفتاه مُفْتٍ بفتوى، فجعل يسبّه، وهو إنّما قضى أو أفتى بكلام النبيّ ﷺ، فيكون كأنَّه سبَّ الرسول ﷺ.
ومن ذلك قول: الزمانُ غدّارٌ، يومٌ أسود، شهرٌ نحس، ونحوه.
* ولذلك ذكر ابن القيم أنَّ سبّ الدهر فيه ثلاث مفاسد:
١ - سبُّ من ليس أهلًا للسبّ، فإنَّ الدهرَ خَلْقٌ مُسَخَّر.
٢ - أنَّ سبّه متضمن للشرك، فإنّما سبّه لظنه أنَّه يضرّ وينفع، وأنَّه مع ذلك ظالم.
٣ - أنَّ السبّ إنّما يقع على من فعل هذه الأفعال، وربُّ الدهر هو المعطي المانع الخافض الرافع، والدهرُ ليس له من الأمر شيء، فمسبّته مسبّة لله ﷿.
٣) أن يقصدَ الخبر المحض دون اللوم والسبِّ: فهذا جائز، كما ورد عن قوم لوط: ﴿هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ﴾ [هود، الآية (٧٧)]. ﴿فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ﴾ [فصلت، الآية (١٦)]. فالمراد هنا: أنَّ الأيام التي أوقع الله فيها العقوبة بأعدائه وأعداء رسله كانت أيامًا نحسات عليهم؛ لأنَّ النحس أصابهم فيها، فأرادوا وصف ما وقع لهم، وإن كانت أيامَ