أهلُ الجاهلية ومن أشبههم، فإنَّهم إذا أصابتهم مصيبةٌ أو مُنِعوا أغراضهم أخذوا يسبونَ الدهر والزمان، يقول أحدهم: قبّحَ اللهُ الدهرَ الذي شتّت شملنا، ولعنَ اللهُ الزمانَ الذي جرى فيه كذا وكذا، وكثيرًا ما جرى من كلام الشعراء وأمثالهم نحو هذا، كقولهم: يا دهرُ فعلتَ كذا، وهم يقصدون سبَّ من فعل تلك الأمور ويضيفونها إلى الدهر، فيقع السبّ على الله تعالى؛ لأنَّه هو فاعل تلك الأمور ومحدثها، والدهر مخلوق له هو الذي يقلّبه ويصرّفه، والتقدير: أنَّ ابن آدم يسبّ من فعل هذه الأمور وأنا فعلتها، فإذا سبّ الدهر فمقصوده سبّ الفاعل، وإن أضاف الفعل إلى الدهر، فالدهرُ لا فعلَ له، وإنّما الفاعلُ هو الله وحده» (١).
* خلاصة الباب: أنَّ الزمان والدهر وقتٌ لحلولِ قدر الله، فلا يجوز أن يسبّه ابن آدم؛ لأنَّه لا تأثير له، وإنّما سبّه يؤول إلى سبّ الله الذي قدّره.