الشق الأول: وهو تلقيب الشخص بالمفتي الأَكبر، فله اعتباران.
الاعتبار الأَول: أَنْ يكون هذا الشخص هو الذي يسمي نفسه بهذا الاسم ويحبّه، ويطلب من الناس أَنْ يسموه به.
والاعتبار الثاني: كون الناس يسمّونه بهذا الاسم، بدون تشوّق منه، ولا طلب ولا رغبة فيه.
فأمّا بالنسبة للاعتبار الأَوّل: فأَنا شخصيًا لا أُسمي نفسي بهذا الاسم لا شفهيًا ولا كتابيًا، ولا أَرغب أَنْ يسمّيني به أَحد، بل أَكرهه، وقد نبّهت على هذا مرارًا في عدة مناسبات.
وأَمّا بالنسبة للاعتبار الثاني: وهو كون الناس يسمون الشخص بهذا الاسم، فلا يظهر لي أن في هذا مانعًا شرعيًا؛ لأنَّه وإن كان بلفظ أَفعل التفضيل، فليس القصدُ منه التفضيل المطلق ومنازعة الربّ في الأَكبرية، وإنّما القصد أنَّه أكبر الموجودين من المفتين ومرجع لهم، كما أَنَّ تلقيب غير الرسول ﷺ بلقب الإمام الأَعظم ليس القصد منه التهجم على منصب الرسول، وإنّما القصد أَنَّ هذا الشخص هو أَعظم الأَئمة الموجودين، ومرجعهم الذي يرجعون إليه في أُمورهم، ولهذا صرح الفقهاءُ في كتاب الجنائز بأَنَّ الإمام الأَعظم لا يصلي على الغالّ، ولا على قاتل نفسه، وكما أطلقت لفظة المفتي الأَعظم على بعض العلماء ولم نسمع بأَحدٍ أَنكرها أَوْ حملها على ما حملتَها عليه (١).
(١) فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (١/ ١٧٣).