للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المسألة الثانية: نهى في الحديث عن قول: «أَطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ»؛ لما فيها من إضافة الربِّ لغير الله، والربُّ هو المالكُ المدبِّرُ القائمُ بأمور العباد، وهذا لا يكون حقيقةً إلّا في الله سبحانه، وهذه أمثلة، وإنّما ذُكِرَت دونَ غيرها لكثرة استعمالها في المخاطبات، وقد ذكر أهل العلم أنَّ لهذه الإضافة حالات:

١. إضافة الربِّ إلى ضمير المخاطب، كقول: أطعم ربك، ونحوها، فينهى عن ذلك؛ لأنَّ الإنسانَ -العبدَ أو الأمةَ- مربوبٌ له، وإطلاقُ هذا اللفظِ على المخلوقِ فيه مضاهاةٌ بالاسم لله.

* والنهي هنا: منهم من حمله على التحريم أخذًا من ظاهر اللفظ، ولكن الأكثر على أن النهي للتنزيه، ورجحه السعدي والعثيمين (١).

وقيل: النهي في حقّ من استعمل هذه اللفظة واتخذها عادةً شائعةً، بخلاف من نطق بها نادرًا، وذلك جمعًا بين الحديث، وبين ما ورد في الصحيح أنه قال في أشراط الساعة «أن تلد الأمةُ ربتها، أو ربها» (٢).

فإن قيل: أليس هذا اللفظ صحيحًا لغةً، فهو ربُّهُ أي سيِّدُه؟

* الجواب: أنَّه وإن صحّ لغة، فالنبيُّ نهى عنه تحقيقًا للتوحيد، وسدًّا لذرائع الشرك، أمّا لو قاله معتقدًا الربوبية، فهذا شرك أكبر.

٢. إضافة الربِّ إلى الاسم الظاهر: فإن كان لغير آدمي فيجوز، ك (ربّ الدار، ربّ السيارة، ربّ السفينة)، وإن كان لآدمي، كقول: هذا ربّ الغلام، فظاهر الحديث الجواز، مالم يوجد محذور، فيمنع، كما لو ظنّ السامعُ أنَّ السيدَ


(١) انظر: القول السديد، للسعدي (ص: ١٦٦)، القول المفيد، للعثيمين (٢/ ٣٣٩).
(٢) انظر: شرح النووي على مسلم (١٥/ ٦)، والآداب الشرعية، لابن مفلح (١/ ٣٦٣)

<<  <   >  >>