للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَتَّى أَزِيدَ فِيهِ مِنَ الْحِجْرِ» (١)، وحديث: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي … » (٢).، فهذا أمرٌ مستقبلٌ لا اعتراض فيه على قدر؛ لأنَّه أخبر عما يعتقد ويريد، لولا المانع.

المسألة الثالثة: أنَّ الله ذمّ في النصوص من تحسّر على الماضي، أو اعترض على القدر، بقول: «لو»، وساق المصنف في الباب بعض النصوص:

١) قول الله تعالى: ﴿يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا﴾ فذمّ الله المنافقين على الاعتراض على القدر ب «لو» ورد الله عليهم بأنَّ هذا قدرٌ لا يمكن التخلف عنه.

٢) قوله: ﴿الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا﴾ وهذه الآية قالها المنافقون ومن رجع من المؤمنين معهم من الجيش يوم أحد؛ تحسرًا على الماضي، فرد الله عليهم بقوله: ﴿قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ﴾.

٣) حديث أبي هريرة ، أن رسول الله قال: «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ وَلَا تَعْجَزَنْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا، لَكَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اَللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ (لَوْ) تَفْتَحُ عَمَلَ اَلشَّيْطَانِ»:

فقوله: «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ» أمر بالحرص، مع الاستعانة بالله؛ لأنَّه لا يحصل له ذلك إلّا إذا كان مستعينا بالله، فإذا كان حريصًا على ما ينفعه، وكان مستعينًا بالله وحده، معتمدًا عليه، تم مراده بإذن الله.

وقوله: «وَلَا تَعْجَزَنْ» والعجز هنا هو التفريط والتضييع، وليس المراد به


(١) أخرجه البخاري (١٥٨٣)، ومسلم (١٣٣٣) من حديث عائشة.
(٢) وردت هذه الصيغة في عدة أحاديث في الصحيحين، انظر: صحيح البخاري (٨٨٧)، وصحيح مسلم (٦٣٨).

<<  <   >  >>