للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونظير هذا الحديث: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: «إِنَّ اللَّهَ سيخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِى عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَنْشر عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ الْبَصر، ثُمَّ يَقُولُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شيئًا؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: بَلَى، إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً؛ فَإنَّه لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ، فَتَخْرُجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولُ: احْضُر وَزْنَكَ. فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلاَّتِ؟ فَقَالَ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ، قَالَ: فَتُوضَعُ السِّجِلاَّتُ فِي كِفَّةٍ وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ، فَطَاشَتِ السِّجِلاَّتُ، وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ، فَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ شيءٌ» (١).

وإذا كانت الأعمال تتفاضل، فإنَّ أشرفها كلمة التوحيد إذا قالها صاحبها صادقًا.

وفي هذا يقول ابن القيم: «الأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها، وإنّما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب، فتكون صورة العملين واحدة، وبينهما في التفاضل كما بين السماء والأرض، والرَّجلان يكون مقامهما في الصف واحدًا، وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض، وتأمّل حديثَ البطاقة التي توضع في كفّة ويقابلها تسعة وتسعون سجلًّا، كل سجل منها مدّ البصر، فتثقل البطاقة، وتطيش السجلات فلا يعذب، ومعلوم أنَّ كل موحِّدٍ له مثل هذه البطاقة، وكثير منهم يدخل النار بذنوبه، ولكن السرّ الذي ثقل بطاقة ذلك الرجل وطاشت لأجله السجلات لما لم يحصل لغيره من أرباب البطاقات


(١) أخرجه الترمذي (٢٦٣٩)، وابن ماجه (٤٣٠٠)، وأحمد (٢/ ٢١٣)، وابن حبان (٢٢٥)، والطبراني في الأوسط (٤٧٢٥)، والحاكم (٩)، قال الترمذي: حديث حسن غريب، وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط مسلم.

<<  <   >  >>