وذمّة نبيّه؛ تهوينًا للإسلام في نفوس الكفار وتزهيدًا به من جهة، وقرينة على استخفاف مَنْ نقضه من المسلمين بربّه من جهة أخرى، إذ لو عظّمه لما نقض عهده، إلّا أنَّ نقض عهد الله لا يصدر ممن تمكن الإيمان من قلبه، ولكن قد يقع من بعض الأعراب أو من لم يتمكن الدين من قلبه.
ومناسبة الباب للتوحيد: أنَّ عدم الوفاء بعهد الله تنقص له، وهو دليل على عدم تعظيمه، وهو قادح في التوحيد.
المسألة الثانية: ذكر المصنف في الباب قوله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾ [النحل، الآية (٩١)].
وفي الآية: أمرٌ من الله بالوفاء بالعهود والمواثيق التي يجعلها المسلم على نفسه، سواءٌ كان فردًا كما يحصل في العقود ونحوها، أو كان عن جماعة المسلمين وهذا أشدّ، كما يحصل من المعاهدات بين المسلمين وبين الكفار، فإذا عاهدوهم على شيء فلا يجوز أن ينقضوه إلّا بموجب معتبر، فالمسلم ليس بخوّانٍ ولا ناقض للعهود.
وفي الآية أيضًا: الأمرُ بالمحافظة على الأَيمان المؤكدة وتحريمُ نقضها، والوفاء بالعهود، وعدم نقض الأيمان المؤكدة يدلّ على تعظيم الله.