المسألة الثالثة: ساق المصنّف في الباب حديث ابن عباس ﵄ في بعث النبيّ ﷺ معاذًا ﵁ داعيًا إلى الله في السنة العاشرة إلى اليمن، ولما أراد أن يذهب أوصاه النبيّ ﷺ بهذه الوصية العظيمة، التي بيّن فيها منهجه الذي يسلكه في الدعوة، وكان مما قال له فيها قوله ﷺ:
* «إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ»: ويعني بهم اليهود والنصارى، وكانوا متكاثرين في اليمن، وهم أهل كتاب وعندهم علمٌ، بخلاف سائر العرب في عهد النبي ﷺ، فنبهه بذلك ليستعدّ ويتهيأ لمناظرتهم ويأخذ أهبته لذلك.
* «فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ شَهَادَة أَنْ لا إله إلّا الله»: وفي رواية: «إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ»(١)؛ لأنَّه أعظم أمرٍ دَعت إليه الرسل وخَلقَ اللهُ لأجلِه الخلق.
وفيه: التدرجُ في الدعوةِ، والبداءةُ بالأهمِ فالأهمِ، وهكذا كانت دعوة النبيّ ﷺ، إذ بدأ بالدعوة إلى التوحيد.
* وعلى هذا: فمن الخطأ أن ينشغل الداعية بمعالجة بعض المعاصي، ويدع الدعوة لتصحيح التوحيد، ونبذ الشرك.
* وفي الرواية الثانية «يُوَحِّدُوا اللَّهَ» فائدة عظيمة: وهي بيانُ خطأِ وضلالِ مَنْ