للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكنهم أطاعوهم في معصية الله، كما يفعله المسلم من المعاصي التي يعتقد أنَّها معاصٍ، فهو يعلم أنَّ التحليل والتحريم حقٌ لله، ولكن فعله من باب الهوى أو تحصيل بعض المصالح، فهذه معصية عظيمة، لكن لاتصل إلى حدّ الشرك الأكبر (١).

وبالمثال يتبيّن كلام شيخ الإسلام، فمن أطاع الحكام في تحليل الحرام، كالزنا والخمر ومساواة المرأة بالرجل في الميراث، ونحوه، أو في تحريم الحلال كمنع تعدد الزوجات مثلًا، فإن كان دافعه الرضا والاستحلال لما حلّلوه فذاك كفر أكبر، وإن كان دافعه الهوى، وهو يعلم أنَّ هذه محرمّة، فإن هذا ليس بكفر، وإنما معصية كبيرة، والله أعلم.

المسألة السادسة: ذكر المصنّف في الباب قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ … ﴾ [البقرة، الآية (١٦٥)]. وهذه الآية لها ارتباط بتفسير (لا إله إلّا الله) كذلك.

* وبيان ذلك: أنّ الله ذكر فيها أنّ بعض الناس من المشركين يتّخذ من دون الله أندادًا ونظراء وأشباهًا، يحبّونهم كحبّ الله، وهذا هو شركهم، أنَّهم يسوّون معبوداتهم بالله في المحبة المقتضية الذلّ للمحبوب، فوقعوا في الشرك؛ إذ إنَّ المحبة المقتضية الذلّ للمحبوب والخضوع له، عبادةٌ لا تُصرَفُ إلّا لله، ومن صرفها لغير الله فقد أشرك واتخذ من دون الله ندًا.

ولذلك فأمرُ المحبةِ عظيمٌ، وما يقع به البعض من كونه يحب معبوده، أو الوليَّ فلان، أو حتى النبيَّ ، كحبِّ الله أو أعظم، فهذا شركٌ، ولربما رأيت أنَّ بعضهم يقدِّم ويفضِّل زيارة قبر النبيّ على زيارة الكعبة؛ لأنَّهم


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٧/ ٧٠).

<<  <   >  >>