فالصحابي - أبو طلحة - من أكثر الأنصار مالاً بالمدينة، وكان أحب أمواله إليه "بير حاء" وكانت مستقبلة المسجد النبوي الشريف. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدخلها، ويشرب من مائها الطيب.
قال أنس بن مالك - رواي الحديث: فلما نزل قول الله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}(سورة آل عمران)
قال أبو طلحة للنبي - صلى الله عليه وسلم - إنَّ أحبّ أموالي إلىَّ (بير حاء) وإني جعلتها صدقة لله، أرجو بها برها، فأجعلها حيث أراك الله.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: بَخٍ بَخٍ، ذلك مال رابح.
وأنا أرى أن تجعلها في الأقربين.
فقسمها أبو طلحة في أقاربه، وبني عمومته (البخاري ومسلم)
- قال عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - عندما نزلت الآية الكريمة السابقة. لقد راجعت كل ما أملك، فوجدت أحب شيء إلى جارية رومية، فقلت هي حرة لوجه الله - سبحانه - فلو أني أعود في شيء جعلته لتزوجتها. "ابن كثير في تفسير الآية" فالإسلام صنع الأغنياء كما صنع القادة والأمراء.
صنع رجالاً ملكوا الدنيا، وما ملكتهم. لأنها كانت في أيديهم، ولم تكن في قلوبهم.
والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يغلق ملكوت السموات في وجوهم، ولك يُحرِّم عليهم جنات النعيم، لأنهم ملكوا المال، ولم يعبدوه.
وسخَّروا أموالهم لخدمة دينهم، ولم يسخروا دينهم لجمع أموالهم.
فأصحاب الأموال الذين رباهم النبي - صلى الله عليه وسلم - على يده، علمهم أن المال مال الله {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}(سورة النور ٣٣)