الْمُرَاجَعَة فَمضى حَتَّى شَارف الْمَدِينَة وَمَعَهُ الحواريون فَقَالَ لأَصْحَابه: أَلا رجل مِنْكُم ينْطَلق إِلَى الْمَدِينَة فينادي فِيهَا فَيَقُول: أَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله
فَقَامَ رجل من الحواريين يُقَال لَهُ يَعْقُوب فَقَالَ: أَنا يَا روح الله
قَالَ: فَاذْهَبْ فَأَنت أول من يتبرأ مني فَقَامَ آخر يُقَال لَهُ توصار وَقَالَ لَهُ: أَنا مَعَه قَالَ: وَأَنت مَعَه ومشيا فَقَامَ شَمْعُون فَقَالَ: يَا روح الله أكون ثالثهم فائذن لي أَن أنال مِنْك أَن اضطررت إِلَى ذَلِك قَالَ: نعم
فَانْطَلقُوا حَتَّى إِذا كَانُوا قَرِيبا من الْمَدِينَة قَالَ لَهما شَمْعُون: ادخلا الْمَدِينَة فبَلَّغا مَا أُمِرْتُمَا وَأَنا مُقيم مَكَاني فَإِن ابتليتما أَقبلت لَكمَا
فَانْطَلقَا حَتَّى دخلا الْمَدِينَة وَقد تحدث النَّاس بِأَمْر عِيسَى وهم يَقُولُونَ فِيهِ أقبح القَوْل وَفِي أمه
فَنَادَى أَحدهمَا وَهُوَ الأول: أَلا أَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله فَوَثَبُوا إِلَيْهِمَا من الْقَائِل أنْ عِيسَى عبد الله وَرَسُوله فتبرأ الَّذِي نَادَى فَقَالَ: مَا قلت شَيْئا فَقَالَ الآخر: قد قلت وَأَنا أَقُول: أَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ فآمنوا بِهِ يَا معشر بني إِسْرَائِيل خيرا لكم فَانْطَلقُوا بِهِ إِلَى ملكهم وَكَانَ جباراً طاغياً فَقَالَ لَهُ: وَيلك مَا تَقول قَالَ: أَقُول: أَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ
قَالَ: كذبت
فقذفوا عِيسَى وَأمه بالبهتان ثمَّ قَالَ لَهُ: تَبرأ وَيلك من عِيسَى وَقل فِيهِ مقالتنا
قَالَ: لَا أفعل
قَالَ: إِن لم تفعل قطعت يَديك ورجليك وسمرت عَيْنَيْك
فَقَالَ: افْعَل بِنَا مَا أَنْت فَاعل
فَفعل بِهِ ذَلِك فَأَلْقَاهُ على مزبلة فِي وسط مدينتهم
ثمَّ أَن الْملك هم أَن يقطع لِسَانه إِذْ دخل شَمْعُون وَقد اجْتمع النَّاس فَقَالَ لَهُم: مَا بَال هَذَا الْمِسْكِين قَالُوا: يزْعم أَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله فَقَالَ شَمْعُون: إأيها الْملك أتأذن لي فادنو مِنْهُ فَاسْأَلْهُ قَالَ: نعم
قَالَ لَهُ شَمْعُون: أَيهَا الْمُبْتَلى مَا تَقول قَالَ: أَقُول أَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله
قَالَ: فَمَا آيَة تعرفه قَالَ {وتبرئ الأكمه والأبرص} والسقيم
قَالَ: هَذَا يَفْعَله الْأَطِبَّاء فَهَل غَيره قَالَ: نعم يُخْبِركُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تدخرون قَالَ: هَذَا تَفْعَلهُ الكهنة فَهَل غير هَذَا قَالَ: نعم {تخلق من الطين كَهَيئَةِ الطير} قَالَ: هَذَا قد تَفْعَلهُ السَّحَرَة يكون أَخذه مِنْهُم
فَجعل الْملك يتعجب مِنْهُ وسؤاله
قَالَ: هَل غير هَذَا قَالَ: نعم
{يحيي الْمَوْتَى}
قَالَ: أَيهَا الْملك إِنَّه ذكر أمرا عَظِيما وَمَا أَظن خلقا يقدر على ذَلِك إِلَّا بِإِذن الله