حَيّ لَا يَمُوت
قَالَ الله {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} إِلَى قَوْله {الشَّاكِرِينَ} فَقَالَ: فوَاللَّه لَكَانَ النَّاس لم يعلمُوا أَن الله أنزل هَذِه الْآيَة حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بكر فَتَلَاهَا النَّاس مِنْهُ كلهم
فَمَا أسمع بشرا من النَّاس إِلَّا يتلوها
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ عمر بن الْخطاب فَقَالَ: إِن رجَالًا من الْمُنَافِقين يَزْعمُونَ أَن رَسُول اله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توفّي وَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَالله - مَا مَاتَ وَلَكِن ذهب إِلَى ربه كَمَا ذهب مُوسَى بن عمرَان فقد غَابَ عَن قومه أَرْبَعِينَ لَيْلَة ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِم بعد أَن قيل قد مَاتَ
وَالله ليرجعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا رَجَعَ مُوسَى فليقطعن أَيدي رجال وأرجلهم زَعَمُوا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاتَ
فَخرج أَبُو بكر فَقَالَ: على رسلك يَا عمر انصت
فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أَيهَا النَّاس أَنه من كَانَ يعبد مُحَمَّدًا فَإِن مُحَمَّدًا قد مَاتَ وَمن كَانَ يعبد الله فَإِن الله حَيّ لَا يَمُوت
ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} الْآيَة
فوَاللَّه لَكَانَ النَّاس لم يعلمُوا أَن هَذِه الْآيَة نزلت حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بكر يَوْمئِذٍ وَأخذ النَّاس عَن أبي بكر فَإِنَّمَا هِيَ فِي أَفْوَاههم
قَالَ عمر: فوَاللَّه مَا هُوَ إِلَّا أَن سَمِعت أَبَا بكر تَلَاهَا فعقرت حَتَّى وَقعت إِلَى الأَرْض مَا تحملنِي رجلاي وَعرفت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد مَاتَ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة قَالَ: لما توفّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ عمر بن الْخطاب فتوعد من قَالَ قد مَاتَ بِالْقَتْلِ وَالْقطع فجَاء أَبُو بكر فَقَامَ إِلَى جَانب الْمِنْبَر وَقَالَ: إِن الله نعى نَبِيكُم إِلَى نَفسه وَهُوَ حَيّ بَين أظْهركُم ونعاكم إِلَى أَنفسكُم فَهُوَ الْمَوْت حَتَّى لَا يبْقى أحد إِلَّا الله
قَالَ الله {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} إِلَى قَوْله {الشَّاكِرِينَ} فَقَالَ عمر: هَذِه الْآيَة فِي الْقُرْآن وَالله مَا علمت أَن هَذِه الْآيَة أنزلت قبل الْيَوْم وَقَالَ: قَالَ الله لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون) (الزمر الْآيَة ٣٠)
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن عَبَّاس إِن عمر بن الْخطاب قَالَ: كنت أتأوّل هَذِه الْآيَة (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا) (الْبَقَرَة الْآيَة ١٤٣) فوَاللَّه إِن كنت لأَظُن أَنه سَيبقى فِي أمته حَتَّى يشْهد عَلَيْهَا بآخر أَعمالهَا وَأَنه هُوَ الَّذِي حَملَنِي على أَن قلت مَا قلت