بِنَاحِيَة الْمَدِينَة مِمَّا يَلِي الأغوص - فأقاموا بِهِ ثَلَاثًا ثمَّ رجعُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فزعموا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لقد ذهبتم فِيهَا عريضة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} ذَلِك يَوْم أحد نَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توَلّوا عَن الْقِتَال وَعَن نَبِي الله يَوْمئِذٍ وَكَانَ ذَلِك من أَمر الشَّيْطَان وتخويفه فَأنْزل الله مَا تَسْمَعُونَ أَنه قد تجَاوز لَهُم عَن ذَلِك وَعَفا عَنْهُم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم} يَعْنِي انصرفوا عَن الْقِتَال منهزمين {يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} يَوْم أحد حِين التقى الْجَمْعَانِ: جمع الْمُسلمين وَجمع الْمُشْركين فَانْهَزَمَ الْمُسلمُونَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَقِي فِي ثَمَانِيَة عشر رجلا {إِنَّمَا استزلهم الشَّيْطَان بِبَعْض مَا كسبوا} يَعْنِي حِين تركُوا المركز وعصوا أَمر الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قَالَ للرماة يَوْم أحد لَا تَبْرَحُوا مَكَانكُمْ فَترك بَعضهم المركز {وَلَقَد عَفا الله عَنْهُم} حِين لم يعاقبهم فيستأصلهم جَمِيعًا {إِن الله غَفُور حَلِيم} فَلم يَجْعَل لمن انهزم يَوْم أحد بعد قتال بدر النَّار كَمَا جعل يَوْم بدر
فَهَذِهِ رخصَة بعد التَّشْدِيد
وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر عَن شَقِيق قَالَ: لَقِي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الْوَلِيد بن عقبَة فَقَالَ لَهُ الْوَلِيد: مَا لي أَرَاك جفوت أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن: أخبرهُ أَنِّي لم أفر يَوْم عينين يَقُول يَوْم أحد وَلم أَتَخَلَّف عَن بدر وَلم أترك سنة عمر فَانْطَلق فخبر بذلك عُثْمَان فَقَالَ: أما قَوْله أَنِّي لم أفر يَوْم عينين فَكيف يعيرني بذلك وَقد عَفا الله عني فَقَالَ {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا استزلهم الشَّيْطَان بِبَعْض مَا كسبوا وَلَقَد عَفا الله عَنْهُم}
وَأما قَوْله: إِنِّي تخلفت يَوْم بدر فَإِنِّي كنت أمرض رقية بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى مَاتَت وَقد ضرب لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسَهْم وَمن ضرب لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسَهْم فقد شهد
وَأما قَوْله: إِنِّي لم أترك سنة عمر فَإِنِّي لَا أطيقها وَلَا هُوَ فَأَتَاهُ فحدثه بذلك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن رَجَاء بن أبي سَلمَة قَالَ: الْحلم ارْفَعْ من الْعقل لِأَن الله عز وَجل تسمى بِهِ