على المَاء قعدوا فِيهِ ثمَّ قَالَ بَعضهم لبَعض: أَيّكُم يبلغ رِسَالَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل هَذَا المَاء فَقَالَ أَبُو ملْحَان الْأنْصَارِيّ: أَنا
فَخرج حَتَّى أَتَى خواءهم فَاخْتَبَأَ أَمَام الْبيُوت ثمَّ قَالَ: يَا أهل بِئْر مَعُونَة إِنِّي رَسُول رَسُول الله إِلَيْكُم أَنِّي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فآمنوا بِاللَّه وَرَسُوله
فَخرج إِلَيْهِ رجل من كسر الْبَيْت بِرُمْح فَضرب بِهِ فِي جنبه حَتَّى خرج من الشق الآخر
فَقَالَ: الله أكبر فزت وَرب الْكَعْبَة فاتبعوا أَثَره حَتَّى أَتَوا أَصْحَابه فِي الْغَار فَقَتلهُمْ عَامر بن الطُّفَيْل
فَحَدثني أنس أَن الله أنزل فيهم قُرْآنًا: بلغُوا عَنَّا قَومنَا أَنا قد لَقينَا رَبنَا فَرضِي عَنَّا ورضينا عَنهُ
ثمَّ نسخت فَرفعت بَعْدَمَا قرأناه زَمَانا وَأنزل الله {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا بل أَحيَاء} الْآيَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق طَلْحَة بن نَافِع عَن أنس قَالَ: لما قتل حَمْزَة وَأَصْحَابه يَوْم أحد قَالُوا: يَا لَيْت لنا مخبرا يخبر إِخْوَاننَا بِالَّذِي صرنا إِلَيْهِ من الْكَرَامَة لنا
فَأوحى إِلَيْهِم رَبهم أَنا رَسُولكُم إِلَى إخْوَانكُمْ
فَأنْزل الله {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا} إِلَى قَوْله {لَا يضيع أجر الْمُؤمنِينَ}
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما أُصِيب حَمْزَة وَأَصْحَابه بِأحد قَالُوا: لَيْت من خلفنا علمُوا مَا أَعْطَانَا الله من الثَّوَاب ليَكُون أَحْرَى لَهُم فَقَالَ الله: إِنَّا أعلمهم فَأنْزل الله {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا} الْآيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وهناد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مَسْرُوق قَالَ: سَأَلنَا عبد الله بن مَسْعُود عَن هَذِه الْآيَة {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا} فَقَالَ: أما انا قد سَأَلنَا عَن ذَلِك أَرْوَاحهم فِي جَوف طير خضر - وَلَفظ عبد الرَّزَّاق - أَرْوَاح الشُّهَدَاء عِنْد الله كطير خضر لَهَا قناديل معلقَة بالعرش تسرح من الْجنَّة حَيْثُ شَاءَت ثمَّ تأوي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيل فَاطلع إِلَيْهِم رَبهم إِطْلَاعَة فَقَالَ: هَل تشتهون شَيْئا قَالُوا: أَي شَيْء نشتهي وَنحن نَسْرَح من الْجنَّة حَيْثُ شِئْنَا
فَفعل ذَلِك بهم ثَلَاث مَرَّات فَلَمَّا رَأَوْا أَنهم لم يتْركُوا من أَن يسْأَلُوا قَالُوا: يَا رب نُرِيد أَن ترد أَرْوَاحنَا فِي أَجْسَادنَا حَتَّى نقْتل فِي سَبِيلك مرّة أُخْرَى
فَلَمَّا رأى أَن لَيْسَ لَهُم حَاجَة تركُوا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي عُبَيْدَة عَن عبد الله أَنه قَالَ فِي الثَّالِثَة حِين قَالَ لَهُم: