السمين فجَاء الْيَهُودِيّ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَهْتِف فَلَمَّا رأى ذَلِك قومه بَنو ظفر جَاءُوا إِلَى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِيَعْذِرُوا صَاحبهمْ وَكَانَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد هم بِعُذْرِهِ حَتَّى أنزل الله فِي شَأْنه مَا أنزل فَقَالَ {وَلَا تجَادل عَن الَّذين يَخْتَانُونَ أنفسهم} إِلَى قَوْله {يرم بِهِ بَرِيئًا} وَكَانَ طعمة قذف بهَا برئيا فَلَمَّا بَين الله شَأْن طعمة نَافق وَلحق بالمشركين فَأنْزل الله فِي شَأْنه (وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ
) (النِّسَاء الْآيَة ١١٤) الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن نَفرا من الْأَنْصَار غزوا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض غَزَوَاته فسرقت درع لأَحَدهم فأظن بهَا رجلا من الْأَنْصَار فَأتى صَاحب الدرْع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن طعمة بن أُبَيْرِق سرق دِرْعِي
فَلَمَّا رأى السَّارِق ذَلِك عمد إِلَيْهَا فألقاها فِي بَيت رجل بَرِيء وَقَالَ لنفر من عشيرته: إِنِّي غيبت الدرْع وألقيتها فِي بَيت فلَان وستوجد عِنْده فَانْطَلقُوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا نَبِي الله إِن صاحبنا بَرِيء وَإِن سَارِق الدرْع فلَان وَقد أحطنا بذلك علما فاعذر صاحبنا على رُؤُوس النَّاس وجادل عَنهُ فَإِنَّهُ إِن لَا يعصمه الله بك يهْلك فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبرأه وعذره على رُؤُوس النَّاس فَأنْزل الله {إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله} يَقُول: بِمَا أنزل الله إِلَيْك إِلَى قَوْله {خوانًا أَثِيمًا} ثمَّ قَالَ للَّذين أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلًا {يستخفون من النَّاس} إِلَى قَوْله {وَكيلا} يَعْنِي الَّذين أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مستخفين يجادلون عَن الخائنين ثمَّ قَالَ {وَمن يكْسب خَطِيئَة} الْآيَة
يَعْنِي السَّارِق وَالَّذين جادلوا عَن السَّارِق
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ رجل سرق درعاً من حَدِيد فِي زمَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَرحه على يَهُودِيّ فَقَالَ الْيَهُودِيّ: وَالله مَا سرقتها يَا أَبَا الْقَاسِم وَلَكِن طرحت عليّ
وَكَانَ الرجل الَّذِي سرق لَهُ جيران يبرئونه ويطرحونه على الْيَهُودِيّ وَيَقُولُونَ: يَا رَسُول الله إِن هَذَا الْيَهُودِيّ خَبِيث يكفر بِاللَّه وَبِمَا جِئْت بِهِ حَتَّى مَال عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِبَعْض القَوْل فَعَاتَبَهُ الله فِي ذَلِك فَقَالَ {إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله وَلَا تكن للخائنين خصيماً واستغفر الله} بِمَا قلت لهَذَا الْيَهُودِيّ {إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما} ثمَّ أقبل على جِيرَانه فَقَالَ