الْقَاهِرَة فَقَالَ لَهُ كن فَكَانَ أسْرع من طرفَة عين فَكُلُوا مِمَّا سَأَلْتُم بِسم الله واحمدوا عَلَيْهِ ربكُم يمدكم مِنْهُ ويزدكم فَإِنَّهُ بديع قَادر شَاكر
فَقَالَ يَا روح الله وكلمته إِنَّا نحب أَن ترينا آيَة فِي هَذِه الْآيَة
فَقَالَ عِيسَى: سُبْحَانَ الله
أما اكتفيتم بِمَا رَأَيْتُمْ من هَذِه الْآيَة حَتَّى تسألوا فِيهَا آيَة أُخْرَى ثمَّ أقبل عِيسَى على السَّمَكَة فَقَالَ: يَا سَمَكَة عودي بِإِذن الله حَيَّة كَمَا كنت فأحياها الله بقدرته فاضطربت وعادت بِإِذن الله حَيَّة طرية تلمظ كَمَا يتلمظ الْأسد تَدور عَيناهَا لَهَا بصيص وعادت عَلَيْهَا بواسيرها فَفَزعَ الْقَوْم مِنْهَا وانحاسوا فَلَمَّا رأى عِيسَى ذَلِك مِنْهُم قَالَ: مَا لكم تسْأَلُون الْآيَة فَإِذا أراكموها ربكُم كرهتموها مَا أخوفني عَلَيْكُم أَن تعاقبوا بِمَا تَصْنَعُونَ يَا سَمَكَة عودي بِإِذن الله كَمَا كنت فَعَادَت بِإِذن الله مشوية كَمَا كَانَت فِي خلقهَا الأول
فَقَالُوا لعيسى: كن أَنْت يَا روح الله الَّذِي تبدأ بِالْأَكْلِ مِنْهَا ثمَّ نَحن بعد
فَقَالَ: معَاذ الله من ذَلِك يبْدَأ بِالْأَكْلِ كل من طلبَهَا
فَلَمَّا رأى الحواريون وأصحابهم امْتنَاع نَبِيّهم مِنْهَا خَافُوا أَن يكون نُزُولهَا سخطَة وَفِي أكلهَا مثلَة فتحاموها فَلَمَّا رأى ذَلِك عِيسَى دَعَا لَهَا الْفُقَرَاء والزمنى وَقَالَ: كلوا من رزق ربكُم ودعوة نَبِيكُم واحمدوا الله الَّذِي أنزلهَا لكم يكون مهناها لكم وعقوبتها على غَيْركُمْ وافتتحوا أكلكم بِسم الله واختتموه بِحَمْد الله فَفَعَلُوا فَأكل مِنْهَا ألف وثلثمائة إِنْسَان بَين رجل وَامْرَأَة يصدرون عَنْهَا كل وَاحِد مِنْهُم شبعان يتجشأ
وَنظر عِيسَى والحواريون فَإِذا مَا عَلَيْهَا كَهَيئَةِ إِذْ نزلت من السَّمَاء لم ينتقص مِنْهُ شَيْء ثمَّ إِنَّهَا رفعت إِلَى السَّمَاء وهم ينظرُونَ فاستغنى كل فَقير أكل مِنْهَا وبريء كل زمن مِنْهُم أكل مِنْهَا فَلم يزَالُوا أَغْنِيَاء صحاحاً حَتَّى خَرجُوا من الدُّنْيَا وَنَدم الحواريون وأصحابهم الَّذين أَبُو أَن يَأْكُلُوا مِنْهَا ندامة سَأَلت مِنْهَا أشفارهم وَبقيت حسرتها فِي قُلُوبهم إِلَى يَوْم الْمَمَات
قَالَ: فَكَانَت الْمَائِدَة إِذا نزلت بعد ذَلِك أَقبلت بَنو إِسْرَائِيل إِلَيْهَا من كل مَكَان يسعون يزاحم بَعضهم بَعْضًا الْأَغْنِيَاء والفقراء وَالنِّسَاء وَالصغَار والكبار والأصحاء والمرضى يركب بَعضهم بَعْضًا فَلَمَّا رأى عِيسَى ذَلِك جعلهَا نوباً بَينهم فَكَانَت تنزل يَوْمًا وَلَا تنزل يَوْمًا فلبثوا فِي ذَلِك أَرْبَعِينَ يَوْمًا تنزل عَلَيْهِم غبا عِنْد ارْتِفَاع الضُّحَى فَلَا تزَال مَوْضُوعَة يُؤْكَل مِنْهَا حَتَّى إِذا قَالُوا ارْتَفَعت عَنْهُم بِإِذن الله إِلَى جو السَّمَاء وهم ينظرُونَ إِلَى ظلها فِي الأَرْض حَتَّى توارى عَنْهُم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute