وَأخرج أَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ لما أَمر الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يعرض نَفسه على قبائل الْعَرَب خرج إِلَى منى وَأَنا مَعَه وَأَبُو بكر وَكَانَ أَبُو بكر رجلا نسابة فَوقف على مَنَازِلهمْ ومضاربهم بمنى فَسلم عَلَيْهِم وردوا السَّلَام وَكَانَ فِي الْقَوْم مفروق بن عَمْرو وهانىء بن قبيصَة والمثنى بن الحارثة والنعمان بن شريك وَكَانَ أقرب الْقَوْم إِلَى أبي بكر مفروق وَكَانَ مفروق قد غلب عَلَيْهِم بَيَانا وَلِسَانًا فَالْتَفت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: إلام تَدْعُو يَا أَخا قُرَيْش فَتقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَلَسَ وَقَامَ أَبُو بكريظله بِثَوْبِهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ادعوكم إِلَى شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ واني رَسُول الله وَإِن تأووني وتنصروني وتمنعوني حَتَّى أؤدي حق الله الَّذِي أَمرنِي بِهِ فَإِن قُريْشًا قد تظاهرت على أَمر الله وكذبت رسله واستغنت بِالْبَاطِلِ عَن الْحق وَالله هُوَ الْغَنِيّ الحميد
قَالَ لَهُ: وإلام تَدْعُو أَيْضا يَا أَخا قُرَيْش فَتلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {قل تَعَالَوْا أتل مَا حرم ربكُم عَلَيْكُم أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا} إِلَى قَوْله {تَتَّقُون} فَقَالَ لَهُ مفروق: وإلام تَدْعُو أَيْضا يَا أَخا قُرَيْش فو الله مَا هَذَا من كَلَام أهل الأَرْض وَلَو كَانَ من كَلَامهم لعرفناه فَتلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ والإِحسان} النَّحْل الْآيَة ٩٠ الْآيَة
فَقَالَ لَهُ مفروق: دَعَوْت - وَالله - يَا قرشي إِلَى مَكَارِم الْأَخْلَاق ومحاسن الْأَعْمَال وَلَقَد أفك قوم كَذبُوك وظاهروا عَلَيْك وَقَالَ هانىء بن قبيصَة: قد سَمِعت مَقَالَتك واستحسنت قَوْلك يَا أَخا قُرَيْش ويعجبني مَا تَكَلَّمت بِهِ ثمَّ قَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن لم تلبثوا إِلَّا يَسِيرا حَتَّى يمنحكم الله بِلَادهمْ وَأَمْوَالهمْ - يَعْنِي أَرض فَارس